الفصل الرابع: الأحكام: [ليلة القدر ووقتها وبقاؤها]
  وهذا محض قولنا ويدل عليه أيضاً ما روى علي # عن النبي ÷ أنه قال: «من كان ملتمساً يعني ليلة القدر فليلتمسها في العشر الأواخر من شهر رمضان فإن عجزتم أو ضعفتم فلا تغلبوا على السبع البواقي».
  ومما روي في ليلة مخصوصة عن أبي سعيد الخدري أنها ليلة الحادي والعشرين وجميع هذه الأخبار، وإن أكدت ليالٍ مخصوصة فإنها لا تدل على نفي ما عداها بل تدل على الأغلب.
  يزيد ما ذكرناه وضوحاً قوله ÷: «من كان متحرياً فليتحرها في ليلة سبع وعشرين»، والتحري لا يكون إلا فيما يجوز حصوله في غيرها من الليالي، وقد روي عنه أيضاً ÷ أنه قال: «التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة» فدل جميع ما ذكرناه على صحة ما ذهبنا إليه وجعلها الله غير معينة نحو ما ذكرناه في الصلاة الوسطى لمصلحة لنا لما يقع من العبادة في الليالي المطلوبة فيها.
  فصل: ويجوز أن تكون ليلة القدر في سنة غير ليلة القدر في السنة الثانية.
  الثالثة: أن ليلة القدر ثابتة إلى يوم القيامة عندنا، وهو الظاهر من قول علماء العترة $ وهو قول الشافعي والإمامية وجمهور الفقهاء، وعند أبي حنيفة قد رفعت بموت النبي ÷ وكان فضلها لنزول القرآن فيها وقد انقطع.
  وروي عن ابن مسعود¶(١) أنها في السنة كلها وروي نحوه عن أبي حنيفة وليس لهذا القول أصل من الشرع يرجع إليه ولا له وجه في القياس.
  وجه قولنا في المسألة ما روى أبو ذر قال: سألت رسول الله ÷ عن ليلة القدر من رمضان هي أم من غيره؟ قال: «بل هي من رمضان»، قال: قلت: تكون مع الأنبياء إذا كانوا وإذا مضوا رفعت؟ قال: «بل هي باقية إلى يوم القيامة» قال قلت: في أي رمضان هي؟ قال: «التمسوها في العشر الأواخر».
(١) وضع علامة التشكيل في النسخة التي بخط المؤلف والنسخة الأصل على «ابن مسعود».