المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الفصل الرابع: الأحكام: [صلاة العيدين ونحر النسك]

صفحة 374 - الجزء 2

  على وجوبها دلالة معلومة فإثباتها بغير دلالة إثبات شرع بغير دلالة وهذا لا يجوز فإن قيل إنا لم نثبت شرعاً بغير دلالة فإن رسول الله ÷ قد كان يصليها، قلنا: إن صلاته لها لا تثبت وجوبها إذ لو أثبتت وجوبها لزمكم أن تكون صلاة الخسوف والكسوف والاستسقاء واجبة فقد صلى جميعها كما صلى صلاة العيد فإن قيل قد وردت هذه الآية أمراً بصلاة العيد قلنا فيها الخلاف فكثير من العلماء يقول إنها غير صلاة العيد نحو اختلافهم في قوله تعالى: {اُ۪سْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّاراٗ ١٠ يُرْسِلِ اِ۬لسَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَاراٗ ١١}⁣[نوح]، فقد قال بعضهم: إنها في صلاة الاستسقاء وقال بعضهم ليس إلا الاستغفار فلم يستدل أحد منهم بها على وجوب الصلاة ولا على وجوب الاستغفار فصح ما قلناه والله الهادي.

  وجه القول الثاني: وهو أن صلاة العيدين من فروض الكفايات: أنه لو ترك أهل بلد صلاة العيد لحوربوا كما يحاربون على ترك صلاة الجنازة فكانت صلاة العيدين من فروض الكفاية كصلاة الجنازة قلنا ويمكن الاعتراض على هذا الوجه بأن يقال نحن لا نسلم أنه يجب محاربتهم ولا الإنكار عليهم إلا إذا علمنا أن مذهبهم وجوبها وتركوها تمرداً فحينئذٍ يجب الأنكار عليهم فأما إذا لم نعلم مذهبهم في وجوبها لم يجز لنا الأنكار عليهم؛ لأنها من مسائل الخلاف وهذا حال مسائل الخلاف فيبطل هذا التعليل والله الهادي.

  وجه القول الثالث: وهو أنها من فروض الأعيان ظواهر الأدلة والآية هذه وهي قوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْۖ ٢} قد تضمنت صلاة العيد؛ لأن الناس بين قائلين: قائل يقول إن الآية عامة للصلوات، وقائل يقول هي تختص صلاة العيد فيثبت كونها فرض؛ ولأن الآية أمر بالصلاة والنحر، والأمر يقتضي الوجوب، ولا خلاف بين العلماء في أن الصلاة التي يتعقبها النحر هي صلاة عيد الأضحى، وظاهر الآية يدل عليه، قلنا: ويمكن أن يقال: لو كانت صلاة