الفصل الرابع: الأحكام: [حكم مال الغير وحكم الحاكم فيه]
  قوله [تعالى]: {وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَۖ ١٨٧} معناه: تعلمون أنه حرام لا يحل لكم. وقيل: تعلمون ما عليكم في أخذه من العقوبة. والمعنيان متلازمان، فإن من يعلمه حراماً يعلم أنه معاقب عليه، ومن يعلم أنه معاقب عليه يعلم أنه حرام.
الفصل الرابع: الأحكام: [حكم مال الغير وحكم الحاكم فيه]
  الآية تدل على تحريم أكل مال الغير بغير رضاه نحو السرقة والغصب والأخذ بظاهر الحكم ما ليس له وما جرى مجراه. وكذلك يحرم مال الغير وإن رضي إذا كان حصوله على وجه محظور، نحو ما يحصل بالربا وثمن الخمر وما جرى مجراه، وكذلك يحرم على الإنسان إنفاق مال نفسه على الباطل، نحو إنفاقه على المغاني والمآثم والقمار وما جرى مجرى ذلك.
  وفي هذا الفصل مسائل:
  الأولى: أن حكم الحاكم في الأموال في ظاهر الحكم لا يكون حكماً في الباطن ولا أعلم فيه خلافاً بين أهلنا [$(١)].
  ويدل عليه قوله ÷: «إنكم تختصمون [إلي(٢)] ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فإنما أقطع له قطعة من النار».
  الثانية: أن حكم الحاكم في الظاهر لا يكون حكماً في الباطن في العقود الواقعة والطلاق عندنا، وهو مذهب الهادي والمؤيد بالله(٣) وأهل المدينة والشافعي، وعند أبي حنيفة: أن حكم الحاكم ينفذ ظاهراً وباطناً في كل شيء.
  ودليلنا الخبر الذي ذكرناه في المسألة الأولى قبل هذه.
(١) ما بين المعقوفين من (ب).
(٢) ما بين المعقوفين من (ب).
(٣) زاد في (ب): وأبي يوسف ومحمد وهو مذهب أهل المدينة والشافعي.