الآية الثانية والعشرون [منها]: [في وجوب الحج والعمرةعند الشروع فيهما]
  الخامس: أن يترك الموالاة بين أشواط الطواف لغير عذر ولم يعده متصلاً فإنه يلزمه دم عندنا، وهو الذي يأتي على أصول أئمتنا $. ومرادنا بالموالاة: هو أن لا يكثر الفصل بين أشواط الطواف لغير عذر؛ إذ لا يمنع من البناء وقوف الإنسان للاستراحة وشرب الماء والصلاة بالإجماع. وعند أبي حنيفة يبني سواء تركه لعذر أم لا.
  والدليل على ما قلناه: ما روي أن النبي ÷ كان يوالي بين أشواط الطواف وأشواط السعي وفعله [÷(١)] بيان لمجمل واجب، فتكون الموالاة واجبة، وقد قال ÷: «خذوا عني مناسككم».
  السادس: القارن إذا دخل مكة وخشي فوات الحج فرفض العمرة ثم علم فضلاً في الوقت فعاد فطاف وسعى لعمرته فعليه دم عندنا، وهو قول الهادي والمؤيد بالله، وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة أنه يكون رافضاً لها عند نية الرفض، أو الأخذ في أعمال الحج كقولنا، وفي رواية أخرى عند أبي حنيفة لا يكون رافضاً لها حتى يقف بعرفة، [وبهذه الرواية قال صاحباه(٢)].
  ودليلنا في وجوب الدم وثبوت الرفض بالنية وابتداء أعمال الحج: أما الرفض فلما روي عن النبي ÷ أنه قال لعائشة حين حاضت وهي معتمرة: «دعي عمرتك واغتسلي وأحرمي بحجتك»، وهذا يدل على أن رفض العمرة حصل لها بمكة فثبت ما قلناه [وكذلك الأخذ في أعمال الحج هو رفض للعمرة(٣)]؛ لأنه لا يدخل في أعمال الحج إلا بعد نية الرفض وهذا [واضح فأما الدم
(١) ما بين المعقوفين من (ب).
(٢) في (ب): وهو قول محمد وأبي يوسف.
(٣) في (ب): وأما الابتداء بأعمال الحج فهو رفض للعمرة.