الفصل الثالث: الأحكام: [أحكام تابعة للرضاعة]
  وعند الشافعي يخير بين أمه وأبيه، وعند مالك الأم أولى به إلى أن يبلغ.
  [وجه قولنا: أن الولاية للأب دون الأم في جميع مصالح الأولاد في النفس والمال، ولا دلالة تدل على أن لها حقاً فيما عدا الحضانة، وقد قال تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٞۖ}[البقرة ٢٢٨](١)].
  الثانية: أنه يجب على الأب أجرة من ترضع ولده ولا خلاف فيه.
  الثالثة: أن الأم لا تجبر على إرضاع ولدها، وعلى الأب أن يستأجر من ترضعه عندنا، وهو قول الهادي [#(٢)] والمؤيد بالله والمنصور بالله وغيرهم من أصحابنا، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي، حكاه الطحاوي عنهم، وقالوا: لا تجبر الأم على الرضاع في النكاح إلا بعد الفرقة. وقال مالك: تجبر عليه إذا وجبت نفقتها عليه في النكاح إذا كانت دنية، وإن كانت شريفة لم تجبر، فإن فارقها لم تجبر على الرضاع وهو على الأب. وحكى أصحاب الشافعي من مذهبهم: لا تجبر الزوجة على إرضاع ولدها بحال. قال أبو ثور ومالك أيضاً: تجبر بكل حال.
  ودليلنا: قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ...} إلى قوله: {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُۥ أُخْرَيٰۖ ٦}[الطلاق]، فدلت الآية على أجرتها وعلى أنها لا تجبر على الرضاع.
  الرابعة: أنها تجبر عند الضرورة بأن لا توجد مرضعة أو لا يقبل اللبن من غيرها، وتعطى أجرتها على الرضاع، وهذا مذهبنا وهو قول المؤيد بالله، وذكره محمد بن منصور، ويدل عليه: قوله تعالى: {لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا}.
  الخامسة: أن الأم إذا طلبت إرضاعه بالأجرة كانت(٣) لها أجرة المثل
(١) ما بين المعقوفين من (ب).
(٢) ما بين المعقوفين من (ب).
(٣) في الأصل: كان. وما أثبتناه من (ب).