المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الفصل الثالث: الأحكام: [أحكام تابعة للرضاعة]

صفحة 246 - الجزء 1

  وعند الشافعي يخير بين أمه وأبيه، وعند مالك الأم أولى به إلى أن يبلغ.

  [وجه قولنا: أن الولاية للأب دون الأم في جميع مصالح الأولاد في النفس والمال، ولا دلالة تدل على أن لها حقاً فيما عدا الحضانة، وقد قال تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٞۖ}⁣[البقرة ٢٢٨](⁣١)].

  الثانية: أنه يجب على الأب أجرة من ترضع ولده ولا خلاف فيه.

  الثالثة: أن الأم لا تجبر على إرضاع ولدها، وعلى الأب أن يستأجر من ترضعه عندنا، وهو قول الهادي [#(⁣٢)] والمؤيد بالله والمنصور بالله وغيرهم من أصحابنا، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي، حكاه الطحاوي عنهم، وقالوا: لا تجبر الأم على الرضاع في النكاح إلا بعد الفرقة. وقال مالك: تجبر عليه إذا وجبت نفقتها عليه في النكاح إذا كانت دنية، وإن كانت شريفة لم تجبر، فإن فارقها لم تجبر على الرضاع وهو على الأب. وحكى أصحاب الشافعي من مذهبهم: لا تجبر الزوجة على إرضاع ولدها بحال. قال أبو ثور ومالك أيضاً: تجبر بكل حال.

  ودليلنا: قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ...} إلى قوله: {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُۥ أُخْرَيٰۖ ٦}⁣[الطلاق]، فدلت الآية على أجرتها وعلى أنها لا تجبر على الرضاع.

  الرابعة: أنها تجبر عند الضرورة بأن لا توجد مرضعة أو لا يقبل اللبن من غيرها، وتعطى أجرتها على الرضاع، وهذا مذهبنا وهو قول المؤيد بالله، وذكره محمد بن منصور، ويدل عليه: قوله تعالى: {لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا}.

  الخامسة: أن الأم إذا طلبت إرضاعه بالأجرة كانت⁣(⁣٣) لها أجرة المثل


(١) ما بين المعقوفين من (ب).

(٢) ما بين المعقوفين من (ب).

(٣) في الأصل: كان. وما أثبتناه من (ب).