المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الآية الخامسة: [في المحاربين لله ورسوله والساعين في الأرض فسادا]

صفحة 44 - الجزء 2

  ويدل عليه أيضاً: قوله ÷: في الشهادة: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموا لهم إلا بحقها» والمخالفون ربما يحتجون بظاهر الآية ويقول: الفساد قد حصل منه [بالسعي للأموال والأرواح⁣(⁣١)].

  الثالثة: أنه إذا أخذ المال وقتل فإنه يُقتل ثم يصلب بعد الموت عندنا، وهو قول الهادي على ما ذكره أبو طالب وهو قول الشافعي وأبي يوسف ومحمد، وعند الناصر أنه يقطع ثم يقتل وهو مذهب الهادي # على ما ذكره المؤيد بالله ذكره في المغني وهو الذي ذكره صاحب الوافي على المذهب وهو قول أبي حنيفة وقال الناصر في رواية أخرى أنه يصلب حياً، وهو أحد الروايتين عن أبي حنيفة، وقيل: إن الأصح من مذهب الناصر مثل قولنا.

  والدليل على قولنا قوله ÷: قال «إذا قتلتم فأحسنوا القتل ...» إلى قوله في الخبر: «ولا تعذبوا خلق الله» وهذا ينافي قولهم ويبطله.

  وهم يحتجون بما فعله النبي ÷ في العرنيين من قطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وطرحهم في الشمس حتى ماتوا فقد قيل إن هذه الآية ناسخة لما فعله النبي ÷ بهؤلاء ولم يعلم أن أحداً من السلف عمل بذلك فدل على أنه منسوخ والله الهادي.

  الرابعة: إذا رجع المحارب تائباً قبل أن يظفر به الإمام وكان قد قتل وجرح وأخذ المال فإنه يسقط عنه جميع الحقوق المتعلقة بالله تعالى ولا يسقط عنه حقوق العباد عندنا وهو قول زيد بن علي والناصر والمؤيد بالله والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه، وعند الهادي # وغيره من علمائنا أنه يسقط عنه جميع


(١) في (ب): بالسعي لطلب الأموال والأرواح.