المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الفصل الأول: اللغة:

صفحة 170 - الجزء 2

الآية الخامسة: [في ذكر المملوك]

  قوله تعالى: {ضَرَبَ اَ۬للَّهُ مَثَلاً عَبْداٗ مَّمْلُوكاٗ لَّا يَقْدِرُ عَلَيٰ شَےْءٖ وَمَن رَّزَقْنَٰهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناٗ فَهْوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاٗ وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُۥنَۖ}⁣[النحل: ٧٥].

الفصل الأول: اللغة:

  المثل: النظير، والمثل: الساير من ألفاظ العرب، وجمعه: أمثال، والرزق في اللغة: هو العطاء الذي يجريه السلطان على من تحت يده، والرزق عند أهل الأصول: هو ما له أن ينتفع به وليس لغيره منعه منه.

الفصل الثاني: المعنى

  قوله تعالى: {ضَرَبَ اَ۬للَّهُ مَثَلاً عَبْداٗ مَّمْلُوكاٗ لَّا يَقْدِرُ عَلَيٰ شَےْءٖ وَمَن رَّزَقْنَٰهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناٗ فَهْوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاٗ وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُۥنَۖ} قيل: هو الوثن وسمي عبداً لأنه يُعبد، ذكره الحسن، وقيل: هو العبد الحي المملوك وعليه أكثر المفسرين وهو الصحيح.

  ثم اختلف أهل هذا القول فمنهم من قال: هو مثل ضربه الله [تعالى] للمؤمن والكافر فالكافر رزقه الله [تعالىٍ] مالاً ونعمة فلم يعمل خيراً ولم يقدم طاعة.

  {وَمَن رَّزَقْنَٰهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناٗ} فهو المؤمن فكسب خيراً وقدم طاعة الله [تعالى] فنبه الله بهذا المثل على حال المؤمن والكافر ودعا بذلك إلى حال المؤمن وصرف عن حال الكافر ذكر معنى ذلك ابن عباس وقتادة، وقيل: ضربه الله [تعالى] مثلاً لعبادتهم الأوثان وهي لا تملك شيئاً والعدول عن عبادة الله الذي يملك كل شيء ذكره مجاهد وأبو علي، وقيل: المملوك العبد، ومن رزقناه الحر، وتقديره السيد الغني الذي ملك من جهة الله مالاً فهو ينفق منه على عبده المحتاج ولا يجوز أن يُسَوَّى بينه وبين عبده الذي لا يملك شيئاً مع اتفاقهما في الصورة وربما كان العبد أحسن وجهاً وقداًّ فكيف يسوى بينهما مع التفاوت العظيم بينهما في هذه الصفات.