الفصل الثاني: النزول
  القتل أو قطع شيء من الأعضاء فلا خلاف أن الإكراه على هذا الوجه يبيح ما ذكرنا مما لا يتعدى إلى الغير.
  وأما الإكراه بالحبس والقيد والضرب الذي لا يؤدي إلى تلف الروح وذهاب شيء من الأعضاء فعندنا أنه كالأول إذا وقع به من الضرر ما يعتد به وإن لم يكن تلفاً وهو الظاهر من المذهب، وعند المؤيد بالله وأصحاب أبي حنيفة أن ذلك لا يكون إكراهاً.
  وجه قولنا: أنه قد روي عن عمر وشريح ما يدل على ما قلناه ولا مخالف لهما في الصحابة.
  الثانية: أن يكرهه على ما يجوز له فعله ابتداء من غير إكراه نحو أن يكرهه على الطلاق والعتاق والهبة لماله والعفو عما يلزم له على الغير من جناية في نفس أو مالٍ فإنه إذا أكرهه على شيء من ذلك لم ينعقد شيء من ذلك وبطل حكمه وهذا هو قول علمائنا $، وهو قول الشافعي وغيره.
  وعند أبي حنيفة ومن وافقه يقع جميع ذلك ويصح إلا أنه يقول إنه في طلاق من لم يدخل بها يرجع على من أكرهه بما يلزمه من نصف المهر أو المتعة ويرجع عليه بقيمة العبد، فأما البيع فلا يصح الإكراه فيه عنده.
  والدليل على قولنا قول الله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِے اِ۬لدِّينِۖ}[البقرة: ٢٥٥]، وقول النبي ÷: «رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».
  الثالثة: أن إقرار المكره لا يلزمه ولا يصح وهذا مما لا نعلم فيه خلافاً.
  الرابعة: أن يكرهه على ما لا يجوز له فعله مما هو محظور عليه مع سلامة الحال إلا أنه لا يتعدى إلى الغير نحو الكفر بالله [تعالى] والإفطار في رمضان وشرب الخمر وما جرى مجرى ذلك نحو أكل الميتة والدم ولحم الخنزير مما لا يتعدى ضرره إلى الغير فهذا يجوز له فعله والآية تدل على ذلك وقد صرحت