المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الفصل الثالث: المعنى:

صفحة 260 - الجزء 2

  قيل: السابق إلى الفهم هو الإذن في القعود ولا دلالة على عكسه توجب الحمل عليه وسياق الآيات يقضي به في قوله: {لَوْ كَانَ عَرَضاٗ قَرِيباٗ وَسَفَراٗ قَاصِداٗ لَّاتَّبَعُوكَ}⁣[التوبة: ٤٢]، ثم قال في الآية فيما بعدها: {۞وَلَوْ أَرَادُواْ اُ۬لْخُرُوجَ لَأَعَدُّواْ لَهُۥ عُدَّةٗ}⁣[التوبة: ٤٦]، وكل هذا دليلٌ على أنهم طلبوا الإذن في القعود وهو قول الأكثر فعلى هذا عاتب الله رسوله في الإذن لهم حتى قال بعض العلماء: هي صغيرة من النبي ÷ والأدلة متظاهرة على ما ذكرنا نحو قوله: {مَا كَانَ لِأَهْلِ اِ۬لْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ اَ۬لْأَعْرَابِ أَنْ يَّتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اِ۬للَّهِ وَلَا يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِۦۖ}⁣[التوبة: ١٢١]، وغير ذلك من الأدلة من الكتاب والسنة.

  الثانية: أن يكون المسلمون أقرب إلى القوة، والفرض في تلك الحال فرض كفاية والمستأذن غيره يكفي كفايته ويغني غناه فإنه والحال هذه الحال يجوز للإمام أن يأذن له ويجوز له أن يستأذن وهذا مما لا أعلم فيه خلافاً عند أحد من المحصلين إلا عند من يقول: إن الجهاد فرض عين، فقوله يقتضي المنع والله أعلم. وهو قول يخالف الإجماع ونصوصات الأدلة.

  الثالثة: أن يكون حال المسلمين إلى القوة، والفرض غير متضيق بل هو فرض كفاية إلا أن المستأذن لا يقوم غيره مقامه ويقع بوقوفه عن المسلمين وهَنٌ يؤثر في حالهم ولا ينتهي إلى الضرورة فالمسألة محتملة للنظر والأرجح عندي أنه لا يجوز للإمام أن يأذن له ولا يجوز له أن يستأذن وإنما قلنا ذلك لما لا يؤمن أن ينتهي الحال إلى الضرورة التي ذكرنا في المسألة الأولى.

  وقد قال ÷: «رحم الله من لم يؤت المسلمون من ثغره» وإذا تخلف عن الإمام أتي المسلمون من ثغره ولم يؤمن أن يقع بوقوفه قوة لقلوب المخالفين وضعف لقلوب المسلمين فيبعث المخالفين على نقض عهد أو تعدي حد، وهذا ظاهر لأولي البصائر والله الهادي.