المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الآية المذكورة منها: [في صلاة الجمعة]

صفحة 330 - الجزء 2

  السادسة: أن المعذورين عن الجمعة إذا حضروا جاز لهم أن ينصرفوا قبل الصلاة إلا المريض فلا يجوز له عندنا، وهو الذي ذكره السيد أبو طالب # وهو قول الشافعي.

  والوجه فيه أنه إذا كان لا تجب عليه لم يوجبه الحضور كالصبي فأما المريض فإنه واجب عليه إلا أنه مع العذر يرجع إلى بدل فإذا أمكنه المبدل لم يجز له العدول إلى البدل كالمريض إذا صلى قاعداً للمرض ثم أمكنه الصلاة قائماً وجب عليه القيام ولم تجزه الصلاة قاعداً.

  السابعة: أن هؤلاء المعذورين يستحب لهم حضور الجمعة إلا النساء، والوجه في ذلك: أنه إنما سقط فرضها على وجه الرخصة فإذا فعلها كان أفضل كالصيام في السفر.

  الثامنة: أن من شرائط الجمعة الإمام العادل عندنا وهو إجماع العترة $، وعند أبي حنيفة وأصحابه لا بد في الجمعة من السلطان وإن لم يكن على الصفة التي ذكرنا، وعند مالك والشافعي أنها تنعقد من دون إمام.

  وجه قولنا: أن صلاة الجمعة واجبة بنص الكتاب في هذه الآية ولفظ الصلاة مجمل فيحتاج إلى البيان وبيان المجمل الواجب واجب وقد ثبت أنها لم تقم في عهد رسول الله ÷ إلا به أو بمن كان والياً من قبله ولم يُعلم أنه أمر بالصلاة من لم يكن ظاهره الدين ولهذا قال ÷: «لا يؤمنكم ذو جرأة في دينه».

  ومما يدل على اشتراط الإمام ما روي عن النبي # أنه قال: «واعلموا أن الله تعالى فرض عليكم الجمعة في مقامي هذا في يومي هذا في شهري هذا في عامي هذا إلى يوم القيامة فمن تركها في حياتي أو بعدي استخفافاً بها أو جحوداً لها وله إمام عادل أو جائر فلا جمع الله شمله ولا بارك له في أمره ألا ولا صلاة له ألا ولا زكاة له ألا ولا صيام له ألا ولا حج له إلا أن يتوب فمن تاب تاب الله