الآية المذكورة منها: [في صلاة الجمعة]
  وذكر أبو العباس في موضع نحواً من ذلك فقال: وإن نفر الناس حتى بقي وحده أو مع رجلٍ صلى أربعاً، وهو مبني على قوله إن صلاة الجمعة لا تصح على ما ذكره إلا برجلين مع الإمام وهو أحد أقوال الشافعي إنه يصلي أربعاً وهو قول زفر، إلا أن زفر يقول: إن ذهبوا قبل أن يقعد الإمام قدر التشهد فعليه أن يستقبل الظهر.
  وذكر أبو العباس في موضع أن الناس إن نفروا عن الإمام قبل فراغه من صلاته حتى بقي وحده أو مع رجل جمع بركعتين وهو الذي صححه المؤيد بالله على مذهب الهادي # وهو أحد أقوال الشافعي، وعند أبي حنيفة وأصحابه إن ذهبوا قبل الدخول في الصلاة صلى الظهر وإن ذهبوا بعدما صلى ركعة أتمها جمعة وإن ذهبوا بعد افتتاح الصلاة قبل أن يصلي ركعة فإنه يفتتح الظهر عند أبي حنيفة، وعند المنصور بالله يصليها جمعة.
  فصل: والذي يغلب في ظني أن قول أبي العباس الأول إذا نفر الناس عن الإمام حتى بقي وحده صلى أربعاً أنه يريد قبل الصلاة لأنه أطلق القول فيه، وأن قوله الثاني إذا نفر الناس عن الإمام قبل فراغه من الصلاة صلاها جمعة فقد قيّد نفور الناس بأنه قبل الفراغ من الصلاة فكأنه يقول على المذهب إنه إن نفر الناس عنه قبل الصلاة صلاها أربعاً وإن نفر الناس في حال الصلاة صلاها جمعة والله أعلم.
  يزيد ذلك وضوحاً أنه كان يلفق القولين في المذهب ليجعلهما قولاً واحداً
  وجه القول الأول: أن العدد إذا كان شرطاً في الابتداء وجب أن يكون شرطاً في البناء إلى حالة الانتهاء كالوقت والمكان.
  وجه القول الثاني: أن العدد لا يمكن ضبطه في الاستمرار فوجب أن يكون شرطاً في الانعقاد دون البناء كالنية.