لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الحاء]

صفحة 245 - الجزء 2

  حَوْجاءُ ولا لوجاء ولا حُوَيجاء ولا لُوَيجاء؛ قال قيس بن رقاعة:

  مَنْ كانَ، في نَفْسِه، حَوْجاءُ يَطْلُبُها ... عِندي، فَإِني له رَهْنٌ بإِصْحارِ

  أُقِيمُ نَخْوَتَه، إِنْ كان ذا عِوَجٍ ... كما يُقَوِّمُ، قِدْحَ النَّبْعَةِ، البارِي

  قال ابن بري المشهور في الرواية:

  أُقِيمُ عَوْجَتَه إِن كان ذا عوج

  وهذا الشعر تمثل به عبد الملك بعد قتل مصعب بن الزبير وهو يخطب على المنبر بالكوفة، فقال في آخر خطبته: وما أَظنكم تزدادون بعدَ المَوْعظةِ إِلَّا شرّاً، ولن نَزْدادَ بَعد الإِعْذار إِليكم إِلَّا عُقُوبةً وذُعْراً، فمن شاء منكم أَن يعود إِليها فليعد، فإِنما مَثَلي ومَثَلكم كما قال قيس بن رفاعة:

  مَنْ يَصْلَ نارِي بِلا ذَنْبٍ ولا تِرَةٍ ... يَصْلي بنارِ كريمٍ، غَيْرِ غَدَّارِ

  أَنا النَّذِيرُ لكم مني مُجاهَرَةً ... كَيْ لا أُلامَ على نَهْيي وإِنْذارِي

  فإِنْ عَصِيْتُمْ مقالي، اليومَ، فاعْتَرِفُوا ... أَنْ سَوْفَ تَلْقَوْنَ خِزْياً، ظاهِرَ العارِ

  لَتَرْجِعُنَّ أَحادِيثاً مُلَعَّنَةً ... لَهْوَ المُقِيمِ، ولَهْوَ المُدْلِجِ السارِي

  مَنْ كانَ، في نَفْسِه، حَوْجاءُ يَطْلُبُها ... عِندي، فإِني له رَهْنٌ بإِصْحارِ

  أُقِيمُ عَوْجَتَه، إِنْ كانَ ذا عِوَجٍ ... كما يُقَوِّمُ، قِدْحَ النَّبْعَةِ، البارِي

  وصاحِبُ الوِتْرِ لَيْسَ، الدَّهْرَ، مُدْركَه ... عِندي، وإني لَدَرَّاكٌ بِأَوْتارِي

  وفي الحديث: أَنه كوى سَعْدَ بنَ زُرارَةَ وقال: لا أَدع في نفسي حَوْجاءَ مِنْ سَعْدٍ؛ الحَوْجاءُ: الحاجة، أَي لا أَدع شيئاً أَرى فيه بُرْأَة إِلَّا فعلته، وهي في الأَصل الرِّيبَةُ التي يحتاج إِلى إِزالتها؛ ومنه حديث قتادة قال في سجدة حم: أَن تَسْجُدَ بالأَخيرة منهما، أَحْرى أَنْ لا يكون في نفسك حَوْجاءُ أَي لا يكون في نفسك منه شيء، وذلك أَن موضع السجود منها مختلف فيه، هل هو في آخر الآية الُولى أَو آخر الآية الثانية، فاختار الثانية لأَنه أَحوط؛ وأَن يسجد في موضع المبتدإِ، وأَحرى خبره.

  وكَلَّمه فما رَدَّ عليه حَوْجاء ولا لَوْجاء، ممدود، ومعناه: ما ردَّ عليه كلمة قبيحةً ولا حَسَنَةً، وهذا كقولهم: فما رد عليَّ سوداء ولا بيضاء أَي كلمة قبيحة ولا حسنة.

  وما بقي في صدره حوجاء ولا لوجاء إِلا قضاها.

  والحاجة: خرزة⁣(⁣١) لا ثمن لها لقلتها ونفاستها؛ قال الهذلي:

  فَجاءَت كخاصِي العَيْرِ لم تَحْلَ عاجَةً ... ولا حاجَةٌ منها تَلُوحُ على وَشْمِ

  وفي الحديث: قال له رجل: يا رسول اض، ما تَرَكْتُ من حاجَةٍ ولا داجَةٍ إِلا أَتَيْتُ؛ أَي ما تركت شيئاً من المعاصي دعتني نفسي إِليه إِلا وقد ركبته؛ وداجَةٌ إِتباع لحاجة، والأَلف فيها منقلبة عن الواو.

  ويقال للعاثر: حَوْجاً لك أَي سلامَةً


(١) قوله [والحاجة خرزة] مقتضى ايراده هنا انه بالحاء المهملة هنا، وهو بها في الشاهد أيضاً. وكتب السيد مرتضي بهامش الأَصل صوابه: والجاجة، بجيمين، كما تقدم في موضعه مع ذكر الشاهد المذكور.