[فصل النون]
  وفي حديث أَبي هريرة: أُمُّكم هاجَرُ يا بني ماءِ السماء؛ يريد العربَ لأَنهم كانوا يَتَّبعون قَطْرَ السماء فينزلون حيث كان، وأَلفُ الماءِ منقَلبةٌ عن واو.
  وحكى الكسائي: باتت الشَّاءُ ليلَتَها ماء ماء وماه ماه، وهو حكاية صوتها.
  ميه: ماهَتِ الرَّكِيَّةُ تَمِيه مَيْهاً وماهةً ومِيْهَةً: كثر ماؤها، ومِهْتُها أَنا.
  ومِهْتُ الرجلَ: سقيته ماء، وبعض هذا مُتَّجِه على الواو، وهو مذكور في موضعه.
  المُؤرِّجُ: مَيَّهْتُ السيفَ تَمْييهاً إذا وضعته في الشمس حتى ذهب ماؤه.
فصل النون
  نبه: النُّبْه: القيامُ والانْتِباه من النوم، وقد نَبَّهَه وأَنْبَهَه من النوم فتَنَبَّه وانْتَبَه، وانْتَبَه من نومه: استَيقَظ، والتنبية مثله؛ قال:
  أَنا شَماطِيطُ الذي حُدِّثْتَ به ... مَتَى أُنَبَّه للغَداء أَنْتَبِه ثم أُنَزِّ حَوْلَه وأَحْتَبِه،
  حتى يقالَ سَيِّدٌ، ولستُ بِه
  وكان حكمه أَن يقول أَتَنَبَّه لأَنه قال أُنَبَّه، ومطاوع فعَّلَ إنما هو تَفَعَّلَ، لكن لما كان أُنَبَّه في معنى أُنْبَه جاء بالمطاوع عليه، فافهم، وقوله ثم أُنَزِّ معطوف على قوله أَنْتَبِه، احْتَمَلَ الخَبْنَ في قوله زِ حَوْلَه، لأَن الأَعرابي البدويّ لا يبالي الزِّحافَ، ولو قال زِي حَوْلَه لكَمَلَ الوزنُ ولم يكن هناك زِحافٌ، إلا أَنه من باب الضرورة، ولا يجوز القطعُ في أُنَزِّي في باب السَّعَةِ والاختيار لأَن بعده مجزوماً، وهو قوله وأَحْتَبِه، ومحال أَن تقطع أَحد الفعلين ثم ترجع في الفعل الثاني إلى العطف، لا يجوز إنْ تأْتني أُكْرِمُك وأُفْضِلْ عليك برفع أُكْرِمك وجزم أُفضل، فَتَفَهَّم.
  وفي حديث الغازي: فإن نومه ونَبَهَه خيرٌ كلُّه؛ النبه: الانتباه من النوم.
  أَبو زيد: نَبِهْتُ للأَمر أَنْبَه نَبَهاً فَطِنْتُ، وهو الأَمر تنساه ثم تَنْتَبِه له.
  ونَبَّهَه من الغفلة فانْتَبَه وتَنَبَّه: أَيقظه.
  وتَنَبَّه على الأَمر: شَعَرَ به.
  وهذ الأَمر مَنْبَهَه على هذا أَي مُشْعِرٌ به، ومَنْبَهَةٌ له أَي مشعر بقدره ومُعْلٍ له؛ ومنه قوله: المال مَنْبَهَةٌ للكريم، ويُسْتَغْنى به عن اللئيم.
  ونَبَّهْتُه على الشيء: وَقَّفْتُه عليه فَتَنَبَّه هو عليه.
  وما نَبِه له نَبَهاً أَي ما فَطِنَ، والاسم النُّبْه.
  والنَّبَه: الضالة توجد عن غفلة لا عن طلب.
  يقال: وجدت الضالة نَبَهاً عن غير طلب، وأَضْلَلتُه نَبَهاً لم تعلم متى ضَلَّ.
  الأَصمعي: يقال أَضَلُّوه نَبَهاً لا يدرون متى ضَلَّ حتى انْتَبَهوا له؛ قال ذو الرُّمَّةِ يصف ظَبْياً قد انْحَنى في نومه فشبهه بدُمْلُجٍ قد انْفَصَمَ:
  كأَنه دُمْلُجٌ، من فِضَّةٍ، نَبَه ... في مَلْعَبٍ من عَذارَى الحَيّ، مَفْصومُ
  إنما جعله مفصوماً لتَثَنِّيه وانحنائه إذا نام، ونَبَه هنا بدل من دُمْلُجٍ.
  وأَضَلَّه نَبَهاً: لم يدر متى ضَلَّ.
  قال ابن بري: وهذا البيت شاهد على النَّبَه الشيءِ المشهورِ، قال: شَبَّه ولد الظَّبْيَةِ حين انعطف لما سَقَتْه أُمُّه فَرَوِيَ بدُمْلُجٍ فضةٍ نبَه أَي بدُملُجٍ أَبيض نَقيّ كما كان ولد الظَّبيةِ كذلك، وقال في مَلْعَبٍ من عَذارَى الحيّ لأَن مَلْعَب الحيّ قد عُدِلَ به عن الطريق المسلوك، كما أَن الظبية قد عَدَلَت بولدها عن طريق الصَّيَّادِ، وقوله مَفْصوم ولم يقل مَقْصوم لأَن الفَصْمَ الصَّدْعُ والقَصْمَ الكسر والتَّبَرِّي، وإنما يريد أَن الخِشْفَ لما جمَع رأْسه إلى