[فصل النون]
  قال ابن بري: ومثل قوله كذباً ومينا قول الأَفْوه الأَوْدِيّ:
  وفينا للقِرَى نارٌ يُرَى عندها ... للضَّيْفِ رُحْبُ وسَعَه
  والرُّحْبُ والسَّعة واحد؛ وكقول لبيد:
  فأَصْبِح طاوِياً حَرِصاً خَمِيصاً ... كنَصْلِ السيفِ حُودِثَ بالصِّقالِ
  وقال المُمزَّقُ العبدِيّ:
  وهُنَّ على الرَّجائز واكِناتٌ ... طَويلاتُ الذَّوائبُ والقُرونِ
  والذوائب والقرون واحد.
  ومثله في القرآن العزيز: عَبَس وبسَرَ، وفيه: لا تَرَى فيها عِوَجاً ولا أَمْتاً، وفيه: فجاجاً سُبُلاً، وفيه: غرابيبُ سُودٌ، وقوله: فلا يخافُ ظُلْماً ولا هَضْماً؛ وجمعُ المَيْنِ مُيُونٌ.
  ومانَ يَمينُ مَيْناً: كذب، فهو مائن أَي كاذب.
  ورجل مَيُونٌ ومَيّانٌ: كذَّاب.
  ووُدُّ فلانٍ مُتَمايِنٌ، وفلانٌ مُتماينُ الوُدِّ إِذا كان غير صادق الخُلَّةِ؛ ومنه قول الشاعر:
  رُوَيْدَ عَلِيّاً جُدَّ ما ثَدْيُ أُمِّهِمْ ... إِلينا، ولكنْ وُدُّهم مُتَمايِنُ
  ويروى مُتيامِن أَي مائل إِلى اليَمن.
  وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه، في ذم الدنيا: فهي الجامِحَةُ الحَرُونُ والمائنةُ الخَؤُون.
  وفي حديث بعضهم: خرَجْتُ مُرابِطاً ليلة مَحْرَسي إِلى المِيناء؛ هو الموضع الذي تُرْفَأُ فيه السفنُ أَي تُجْمع وتُرْبَطُ؛ قيل: هو مِفْعال من الوَنْيِ الفُتُورِ لأَن الريحَ يَقِلُّ فيه هُبوبها، وقد يقصر فيكون على مِفْعَل، والميم زائدة.
  ميسن: التهذيب في الرباعي: المَيْسُوسَنُ شراب، وهو معرَّب.
  وفي حديث ابن عمر: رأَى في بيته المَيْسُوسَنَ فقال أَخْرِجُوه فإِنه رِجْسٌ؛ هو شراب تجعله النساء في شعورهن، وهو معرَّب، وذكره الأَزهري في أَسن من ثلاثي المعتل، وعاد أَخرجه في الرباعي.
  ميكايين: مِيكايين وميكاييل: من أَسماء الملائكة.
فصل النون
  نتن: النَّتْنُ: الرائحة الكريهة، نقيضُ الفَوْحِ، نَتَنَ نَتْناً ونَتُنَ نَتانَةً وأَنْتَنَ، فهو مُنْتِنٌ ومِنْتِنٌ ومُنْتُنٌ ومِنْتِينٌ.
  قال ابن جني: أَما مُنْتِنٌ فهو الأَصل ثم يليه مِنْتِنٌ، وأَقلها مُنْتُنٌ، قال: فأَما من قال إِنَّ مُنْتِنٌ من قولهم أَنْتَنَ ومِنْتِنٌ من قولهم نَتُنَ الشيءُ فإِن ذلك لُكْنة منه.
  وقال كراع: نَتُنَ فهو مُنْتِنٌ، لم يأْت في الكلام فَعُلَ فهو مُفْعِلٌ إِلا هذا، قال: وليس ذلك بشيء.
  قال الجوهري في مِنْتِن: كسرت الميم إتباعاً للتاء لأَن مِفْعِلاً ليس من الأَبنية.
  ونَتّنة غَيْرُه تَنْتِيناً أَي جعله مُنْتِناً.
  قال: ويقال قوم مَناتينُ؛ قال ضَبُّ ابنُ نُعْرَة:
  قالتْ سُليْمى: لا أُحِبُّ الجَعْدِينْ ... ولا السِّباطَ، إِنهم مَناتِينْ
  قال: وقد قالوا ما أَنْتَنه.
  وفي الحديث: ما بالُ دَعْوَى الجاهلية دَعُوها فإِنها مُنْتِنة أَي مذمومة في الشرع مجتنبة مكروهة كما يُجْتَنَبُ الشيءُ المُنْتِنُ؛ يريد قولهم: يا لَفُلانٍ.
  وفي حديث بَدْرٍ: لو كان المُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ حَيّاً فكلمني في هؤلاء النَّتْنَى لأَطْلَقْتُهم له، يعني أُسارى بدر، واحدهم نَتِنٌ كزَمِنٍ وزَمْنَى، سماهم نَتْنَى لكفرهم كقوله