لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل اللام]

صفحة 237 - الجزء 15

  واو بمنزلة تاء أُخت وبنت، ويكون على هذا أَصلُ كَيَّة كَيْوَة، ثم اجتمعت الياء والواو وسبقت الياء بالسكون فقلبت الواو ياء وأُدغمت الياء في الياء، كما قالوا سَيِّد ومَيِّت وأَصلهما سَيْوِد ومَيْوِت؟ فالجواب أَن كَيَّةَ لا يجوز أَن يكون أَصلها كَيْوة من قبل أَنك لو قضيت بذلك لأَجزت ما لم يأْتِ مثله من كلام العرب، لأَنه ليس في كلامهم لفظة عَينُ فعلها ياء ولامُ فعلها واو، أَلا ترى أَن سيبويه قال ليس في كلام العرب مثل حَيَوْت؟ فأَما ما أَجازه أَبو عثمان في الحيوان من أَن تكون واوه غير منقلبة عن الياء وخالف فيه الخليل، وأَن تكون واوه أَصلاً غير منقلبة، فمردود عليه عند جميع النحويين لادّعائه ما لا دليل عليه ولا نظير له وما هو مخالف لمذهب الجمهور، وكذلك قولهم في اسم رَجاء بن حَيْوة إِنما الواو فيه بدل من ياء، وحسَّن البدل فيه وصِحَّةَ الواو أَيضاً بعد ياء ساكنة كونُه علماً والأَعلام قد يحتمل فيها ما لا يحتمل في غيرها، وذلك من وجهين: أَحدهما الصيغة، والآخر الإِعراب، أَما الصيغة فنحو قولهم مَوْظَبٍ ومَوْرَقٍ وتَهْلَلٍ ومَحْبَبٍ ومَكْوَزَة ومَزْيَدٍ ومَوْأَلةٍ فيمن أَخذه من وأَل ومَعْديكرب، وأَما الإِعراب فنحو قولك في الحكاية لمن قال مررت بزيد: من زيد؟ ولمن قال ضربت أَبا بكر: مَن أَبا بكر؟ لأَن الكُنى تجري مَجرى الأَعلام، فلذلك صحت حَيْوة بعد قلب لامها واواً وأَصلها حَيَّة، كما أَن أَصل حَيَوانٍ حَيَيانٌ، وهذا أَيضاً إِبدال الياء من الواو لامين، قال: ولم أَعلمها أُبدلت منها عينين، والله أَعلم.

فصل اللام

  لأَي: الَّلأَى: الإِبْطاء والاحْتِباس، بوزن اللَّعا، وهو من المصادر التي يعمل فيها ما ليس مِن لفظها، كقولك لَقِيته التِقاطاً وقَتَلْته صَبْراً ورأَيته عِياناً؛ قال زهير:

  فَلأْياً عَرفت الدارَ بعد توهُّم

  وقال اللحياني: الَّلأْيُ اللُّبْثُ، وقد لأَيْت أَلأَى لأْياً، وقال غيره: لأَأَيْت في حاجتي، مشدَّد، أَبطأْت.

  والتَأَتْ هي: أَبْطَأَت.

  التهذيب: يقال لأَى يَلأَى لأْياً والتَأى يَلْتَئي إِذا أَبطأَ.

  وقال الليث: لم أَسمع العرب تجعلها معرفة، ويقولون: لأْياً عرفْتُ وبَعدَ لأْيٍ فعلت أَي بعد جَهْد ومشقة.

  ويقال: ما كِدْت أَحمله إِلَّا لأْياً، وفعلت كذا بعد لأْيٍ أَي بعد شدَّة وإِبْطاء.

  وفي حديث أُم أَيمن، ^: فبِلأْيٍ ما استَغْفَرَ لهم رسولُ الله أَي بعد مشقة وجهدْ وإِبْطاء؛ ومنه حديث عائشة، ^، وهِجْرَتِها ابنَ الزُّبَيْرِ: فبِلأْيٍ مَّا كَلَّمَتْه.

  واللأَى: الجَهْد والشدَّة والحاجة إِلى الناس؛ قال العجير السلولي:

  وليس يُغَيِّرُ خِيمَ الكَريم ... خُلُوقةُ أَثْوابِه واللأَى

  وقال القتيبي في قوله:

  فَلأْياً بِلأْيٍ مَّا حَمَلْنا غُلامَنا

  أَي جَهْداً بعد جَهْد قَدَرْنا على حَمْله على الفرس.

  قال: واللأْيُ المشقة والجهد.

  قال أَبو منصور: والأَصل في اللأْي البُطْء؛ وأَنشد أَبو الهيثم لأَبي زبيد:

  وثارَ إِعْصارُ هَيْجا بينَهُمْ، وخَلَتْ ... بالكُورِ لأْياً، وبالأَنساع تَمْتَصِعُ

  قال: لأْياً بعد شدَّة، يعني أَن الرجل قتله الأَسد وخلت ناقته بالكور، تمتصع: تحرك ذنبها.

  واللأَى: الشدة في العيش، وأَنشد بيت العجير السلولي أَيضاً.

  وفي الحديث: مَن كان له ثلاثُ بنات فصَبَر على