لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل اللام]

صفحة 385 - الجزء 3

  يعلمون. ويقال: فلان يكيد أَمراً ما أَدْرِي ما هو إِذا كان يُرِيغُه ويَحْتالُ له ويسعى له ويَخْتِلُه.

  وقال: بَلَغُوا الأَمر الذي كادوا، يريد: طلبوا أَو أَرادوا؛ وأَنشد أَبو بكر في كاد بمعنى أَراد للأَفوه:

  فإِنْ تَجَمَّعَ أَوتادٌ وأَعْمِدَةٌ ... وساكِنٌ، بَلَغُوا الأَمرَ الذي كادوا

  أَراد الذي أَرادوا؛ وأَنشد:

  كادَتْ وكِدْتُ، وتلك خَيرُ إِرادةٍ ... لو كانَ مِنْ لَهْوِ الصَّبابةِ ما مَضَى

  قال: معناه أَرادتْ وأَرَدْتُ.

  قال: ويحتمله قوله تعالى: لم يكَدْ يراها، لأَن الذي عايَنَ من الظلمات آيَسَه من التأَمل ليده والإِبصار إِليها.

  قال: ويراها بمعنى أَن يراها فلما أَسقط أَن رفع كقوله تعالى: تأْمرونِّي أَعبُدُ؛ معناه أَن أَعبد.

فصل اللام

  لبد: لبَدَ بالمكان يَلْبُدُ لبُوداً ولَبِدَ لَبَداً وأَلبَدَ: أَقام به ولَزِق، فهو مُلْبِدٌ به، ولَبَدَ بالأَرض وأَلبَدَ بها إِذا لَزِمَها فأَقام؛ ومنه حديث علي، ¥، لرجلين جاءا يسأَلانه: أَلبِدا بالأَرض⁣(⁣١) حتى تَفْهَما أَي أَقيما؛ ومنه قول حذيفة حين ذكر الفتنة قال: فإِن كان ذلك فالبُدُوا لبُودَ الراعِي على عصاه خلف غَنَمِه لا يذهبُ بكم السَّيلُ أَي اثْبُتُوا والزموا منازِلَكم كما يَعْتَمِدُ الراعي عصاه ثابتاً لا يبرح واقْعُدوا في بيوتكم لا تخرجوا منها فَتَهْلِكوا وتكونوا كمن ذهبَ به السيلُ.

  ولَبَدَ الشيءُ بالشيءِ يَلْبُد إذا ركب بعضُه بعضاً.

  وفي حديث قتادة: الخُشوعُ في القلبِ وإِلبادِ البصر في الصلاة أَي إِلزامِه موضعَ السجود من الأَرض.

  وفي حديث أَبي بَرْزةَ: ما أُرى اليومَ خيراً من عِصابة مُلْبِدة يعني لَصِقُوا بالأَرض وأَخْملوا أَنفسهم.

  واللُّبَدُ واللَّبِدُ من الرجال: الذي لا يسافر ولا يَبْرَحُ مَنْزِلَه ولا يطلُب معاشاً وهو الأَلْيَسُ؛ قال الراعي:

  مِنْ أَمرِ ذي بَدَواتٍ لا تَزالُ له ... بَزْلاءُ، يَعْيا بها الجَثَّامةُ اللُّبَدُ

  ويروى اللَّبِدُ، بالكسر؛ قال أَبو عبيد: والكسر أَجود.

  والبَزْلاءُ: الحاجةُ التي أُحْكِمَ أَمرُها.

  والجَثَّامةُ والجُثَمُ أَيضاً: الذي لا يبرح من محلِّه وبَلْدِتِه.

  واللَّبُودُ: القُرادُ، سمي بذلك لأَنه يَلْبد بالأَرض أَي يَلْصَق.

  الأَزهري: المُلْبِدُ اللَّاصِقُ بالأَرض.

  ولَبَدَ الشيءُ بالأَرض، بالفتح، يَلْبُدُ لبُوداً: تَلَبَّد بها أَي لَصِقَ.

  وتَلَبَّد الطائرُ بالأَرض أَي جَثَمَ عليها.

  وفي حديث أَبي بكر: أَنه كان يَحْلُبُ فيقول: أَأُلْبِدُ أَم أُرْغِي؟ فإِن قالوا: أَلْبِدْ أَلزَقَ العُلْبَةَ بالضَّرْع فحلب، ولا يكون لذلك الحَلبِ رَغْوة، فإِن أَبان العُلْبة رغا الشَّخْب بشدّة وقوعه في العلبة.

  والمُلَبِّدُ من المطر: الرَّشُّ؛ وقد لَبَّد الأَرضَ تلبيداً.

  ولُبَدٌ: اسم آخر نسور لقمان بن عادٍ، سماه بذلك لأَنه لَبِدَ فبقي لا يذهب ولا يموت كاللَّبِدِ من الرجال اللازم لرحله لا يفارقه؛ ولُبَدٌ ينصرف لأَنه ليس بمعدول، وتزعم العرب أَن لقمان هو الذي بعثته عاد في وفدها إِلى الحرم يستسقي لها، فلما أُهْلِكُوا خُيِّر لقمان بين بقاء سبع بَعْرات سُمْر من أَظْبٍ عُفْر في جبل وَعْر لا يَمَسُّها القَطْرُ، أَو بقاء سبعة أَنْسُرٍ كلما أُهْلِكَ نَسْرٌ خلَف بعده نسر، فاختار النُّسُور


(١) قوله [ألبدا بالأَرض] يحتمل أنه من باب نصر أو فرح من ألبد وبالأَخير ضبط في نسخة من النهاية بشكل القلم.