[فصل الباء الموحدة]
  حكاية أصوات؛ قال الشاعر:
  إنْ تَلْقَ عَمْراً، فَقَدْ لاقَيْتَ مُدَّرِعاً ... ولَيْسَ، مِنْ هَمِّه، إِبْلٌ ولا شاءُ
  في جَحْفلٍ لَجِبٍ، جَمٍّ صواهِلُه ... باللَّيْلِ تُسمَعُ، في حَافاتِه، آءُ
  قال ابنُ بَرِّي: الصحيحُ عندَ أَهلِ اللغةِ أَنَّ الآءَ ثمرُ السَّرحِ.
  وقال أَبو زيد: هو عنبٌ أَبيض يأْكله الناس، ويتَّخذونَ منه رُبّاً؛ وعُذْر من سمَّاه بالشجر أَنهم قد يُسمونَ الشجرَ باسمِ ثمره، فيقولُ أَحدُهم: في بستاني السفرجل والتفاح، وهو يريد الأَشجارَ، فيعبر بالثمرة عن الشجرِ؛ ومنه قوله تعالى: فأنْبَتْنا فيها حَباًّ وعِنَباًّ وقَضْباً وزَيتُوناً.
  ولو بنيتَ منها فعلاً لقلتَ: أُوتُ الأَديمَ إذا دبغته به، والأَصلُ أُأْتُ الأَديمَ بهمزتين، فأُبدلت الهمزةُ الثانية واواً لانضمام ما قبلها.
  أَبو عمرو: الآءُ بوزن العاع: الدِّفلى.
  قال: والآءُ أَيضاً صياحُ الأَمير بالغلام مثلُ العاع.
فصل الباء الموحدة
  بأبأ: الليث البَأْبَأَةُ قولُ الإِنسان لصاحبه بِأَبي أَنْتَ، ومعناه أَفْدِيكَ بِأَبي، فيُشتقُّ من ذلك فعل فيقال: بَأْبَأَ بِه.
  قال ومن العربِ من يقول: وابِأَبَا أَنتَ، جعلوها كلمةً مبنِيَّةً على هذا التأْسيس.
  قال اَبو منصور: وهذا كقوله يَا وَيْلَتَا، معْناه يا وَيْلَتي، فقلبَ الياءَ أَلفاً، وكذلكَ يا أَبَتا معناه يا أَبَتِي، وعلى هذا توجه قراءَة من قرأَ: يا أَبَتَ إِني، أَراد يا أَبتا، وهو يريد يا أَبَتي، ثم حذفَ الأَلفَ، ومن قالَ يَا بِيَبَا حوَّلَ الهمزة ياءً والأَصل: يَا بِأَبَا معناه يَا بِأَبِي.
  والفعل من هذا بَأْبأَ يُبَأْبِئُ بَأْبَأَةً.
  وبَأْبَأْتُ الصبيَّ وبَأْبأْتُ به: قلتُ له بأَبي أَنتَ وأُمي؛ قال الراجز:
  وصاحِبٍ ذِي غَمْرةٍ داجَيْتُه ... بَأْبَأْتُه، وإِنْ أَبَى فَدَّيْتُه،
  حَتَّى أَتى الحيَّ، وما آذَيْتُه
  وبأْبَأْته أَيضاً، وبأْبأْتُ به قلتُ له: بَابَا.
  وقالوا: بَأْبَأَ الصبيَّ أَبوه إذا قال له: بَابَا.
  وبَأْبَأَه الصبيُّ، إذا قال له: بَابَا.
  وقال الفَرَّاءُ: بَأْبأْتُ بالصبيِّ بِئْباءً إذا قلتُ له: بِأَبي.
  قال ابنُ جِنِّي: سأَلت أَبا عليّ فقلتُ له: بَأْبَأْتُ الصَّبيَّ بَأْبأَةً إذا قلتُ له بابا، فما مثالُ البَأْبَأَةِ عندكَ الآن؟ أَتزنها على لفظها في الأَصل، فتقول مثالها البَقْبَقَةُ بمنزلة الصَلْصَلةِ والقَلْقَلةِ؟ فقال: بل أَزِنُها على ما صارَت إليه، وأَترك ما كانت قبلُ عليه، فأَقولُ: الفَعْلَلة.
  قال: وهو كما ذكر، وبه انعقادُ هذا الباب.
  وقال أَيضاً: إِذا قلت بأَبي أَنتَ، فالباء في أَوَّلِ الاسمِ حرفُ جر بمنزلة اللامِ في قولكَ: للَّه انتَ، فإذا اشتَقَقْتَ منه فِعْلاً اشتقاقاً صَوْتِيّاً اسْتَحَالَ ذلك التقدير فقلت: بَأْبَأْتُ به بِئباءً، وقد أَكثرت من البَأْبأَة، فالباء الآن في لفظِ الأَصل، وإِن كان قد عُلم أَنها فيما اشْتُقَّت منه زائدةٌ للجَرِّ؛ وعلى هذا منها البِأَبُ، فصارَ فِعْلاً من باب سَلِسَ وقَلِقَ؛ قال:
  يا بِأَبِي أَنْتَ، ويا فَوْقَ البِأَبْ
  فال بِأَبُ الآنَ بمنزلةِ الضِّلَعِ والعِنَبِ.
  وبَأْبَؤُوه: أَظْهَروا لَطافَةً؛ قال:
  إذا ما القبائِلُ بَأْبَأْنَنا ... فَما ذا نُرَجِّي بِبئْبائِها؟
  وكذلك تَبأْبؤُوا عليه.
  والبَأْباءُ، ممدودٌ: تَرْقِيصُ المرأة ولدَها.
  والبَأْباءُ: زَجْرُ السِّنَّوْر، وهو الغِسُّ؛ وأَنشَدَ ابنُ الأَعرابي لرجلٍ