لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل اللام]

صفحة 182 - الجزء 2

  لَعَنَ الله مَنزِلاً بَطْنَ كُوثى ... ورماه بالفَقْرِ والإِمْعارِ

  ليس كُوثى العِراقِ أَعني، ولكِنْ ... كُنْثَةَ الدارِ، دارِ عَبْد الدارِ

  أَمْعَرَ الرجلُ إِذا افْتَقَر.

  قال أَبو منصور: والقولُ الأَوَّل هو الأَدلُّ لقول عليّ #: فإِنَّا نَبَطٌ من كُوثى، ولو أَراد كُوثى مكة، لَما قال نَبَطٌ، وكُوثى العِراقِ هي سُرَّةُ السَّوادِ من مَحالِّ النَّبَطِ، وإِنما أَراد #، أَن أَبانا إِبراهيمَ كان من نَبَطِ كُوثى وأَنَّ نسبنا انتَهى إِليه، ونحْوَ ذلك؛ قال ابنُ عباس: نحنُ معاشِرَ قُرَيش حَيٌّ من النَّبَط، مِن أَهل كُوثى، والنَّبَطُ من أَهل العِراق.

  قال أَبو منصور: وهذا من عليٍّ وابن عباس، $، تَبرُّؤٌ من الفَخْرِ بالأَنْساب، ورَدْعٌ عن الطَّعْن فيها، وتحْقيقٌ لقوله ø: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقاكُمْ.

فصل اللام

  لبث: اللَّبْثُ واللَّبَاثُ: المُكْثُ.

  قال الله تعالى: لابثين فيها أَحقاباً.

  الفرَّاء: الناس يقرؤُون لابثين، وروي عن علقمة أَنه قرأَ لبثين، قال: وأَجود الوجهين لابثين، لأَن لابثين إِذا كانت في موضع⁣(⁣١) ... . . فَتَنْصِب كانت بالأَلِف، مثلَ الطامِعِ والباخل.

  قال: واللَّبِثُ البطيءُ، وهو جائز كما يقال: طامِعٌ وطمِعٌ، بمعنى واحد.

  ولو قلت: هو طمِعٌ فيما قِبَلَكَ كان جائزاً.

  قال أَبو منصور: يقال لَبِثَ لُبْثاً ولَبْثاً ولُبَاثاً، كل ذلك جائز.

  وتَلَبَّثَ تَلَبُّثاً، فهو مُتَلَبِّثٌ.

  قال الجوهري: مصدر لَبِثَ لَبْثاً على غير قياس، لأَن المصدر من فَعِلَ، بالكسر، قياسه التحريك إِذا لم يتعدَّ مثل تَعِب تَعَباً، قال: وقد جاءَ في الشعر على القياس، قال جرير:

  وقد أَكُونُ على الحاجاتِ ذا لَبَثٍ ... وأَحْوَذِيّاً، إِذا انضمَّ الذَّعاليبُ

  فهو لابث ولبِثٌ أَيضاً.

  ابن سيده: لَبِثَ بالمكان يَلْبَثُ لَبْثاً ولُبْثاً ولَبَثَاناً ولَباثَةً ولبِيثَةً، وأَلبثتُه أَنا، ولبَّثْتُه تلبيثاً، وتَلَبَّثَ: أَقام، وأَنشد ابن الأَعرابي:

  غَرَّكِ منِّي شَعَثي ولَبَثي ... ولِمَمٌ، حَوْلَك، مِثلُ الحُرْبُثِ

  معناه: أَنه شيخ كبير، فأَخبر أَنه إِذا مشى لم يَلْحَقْ من ضعفه، فهو يتلبث، وشبه لمم الشبان في سوادها بالحُرْبُث، وهو نبت أَسود سهلي.

  وأَلبثه هو، قال:

  لن يُلْبِثَ الجارَيْنِ أَنْ يَتَفَرَّقا ... لَيْلٌ، يَكُرُّ عليهمُ، ونهارُ⁣(⁣٢)

  قال أَبو حنيفة: الجبهة تسقط، وقد دفِئَتِ الأَرضُ، فإِذا حاذتها فإِن الدِّفْءَ والرِّيَّ لا يُلْبِثا أَن يُرْعيا، هكذا حكاه يُلبثا، كقولك يكرمُا، قال: ولا أدريَ لم جِزَمه.

  ولي على هذا الأَمر لُبْثَةٌ أَي تَوَقُّفٌ.

  وشيءٌ لَبِيث: لابث.

  وقالوا: نَجِيثٌ لَبيثٌ، إِتباع.

  وما لبِثَ أَن فعل كذا وكذا.

  وفي التنزيل العزيز: فما لبِثَ أَن جاءَ بعِجل حنيذ.

  وفي الحديث: فاستلبثَ الوحْيُ، وهو استفعل، مِن اللبث الإِبطاءِ والتأَخرِ، يقال لبِثَ لَبْثاً، بسكون الباء، وقد تفتح قليلاً على القياس،


(١) ١ كذا بياض بالأَصل ولعل الساقط لفظ الفعل أو يلبثون.

(٢) ١ هذا البيت لجرير، وهو في ديوانه هكذا:

لا يُلبِثُ القُرَناءَ أن يتفرقوا

الخ.