لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

حرف الباء الموحدة

صفحة 204 - الجزء 1

  ب

حرف الباء الموحدة

  ب: الباءُ: من الحُروف المَجْهُورة ومن الحروف الشَّفَوِيَّةِ، وسُمِّيت شَفَوِيَّةً لأَن مَخْرَجَها من بينِ الشَّفَتَيْنِ، لا تَعْمَلُ الشَّفتانِ في شيءٍ من الحروف إلَّا فيها وفي الفاء والميم.

  قال الخليل بن أَحمد: الحروف الذُّلْقُ والشَّفَوِيَّةُ ستة: الراءُ واللام والنون والفاءُ والباءُ والميم، يجمعها قولك: رُبَّ مَنْ لَفَّ، وسُمِّيت الحروف الذُّلْقُ ذُلْقاً لأَن الذَّلاقة في المَنْطِق إنما هي بطَرف أَسَلةِ اللِّسان، وذَلَقُ اللسان كذَلَقِ السِّنان.

  ولمَّا ذَلِقَتِ الحُروف الستةُ وبُذِلَ بهنَّ اللِّسانُ وسَهُلت في المَنْطِقِ كَثُرَت في أَبْنِية الكلام، فليس شيءٌ من بناءِ الخُماسيّ التامِّ يَعْرَى منها أَو مِن بَعْضِها، فإذا ورد عليك خُماسيٌّ مُعْرَّى من الحُروف الذُّلْقِ والشَّفَوِيَّة، فاعلم أَنه مُولَّد، وليس من صحيح كلام العرب.

  وأَما بناءُ الرُّباعي المنْبَسِط فإن الجُمهور الأَكثرَ منه لا يَعْرى من بَعض الحُروف الذُّلْقِ إلا كَلِماتٌ نَحوٌ من عَشْر، ومَهْما جاءَ من اسْمٍ رُباعيّ مُنْبَسِطٍ مُعْرّى من الحروف الذلق والشفوية، فإنه لا يُعْرَى من أَحَد طَرَفي الطَّلاقةِ، أَو كليهما، ومن السين والدال أَو إحداهما، ولا يضره ما خالَطه من سائر الحُروف الصُّتْمِ.

  فصل الهمزة

  أبب: الأَبُّ: الكَلأُ، وعَبَّر بعضُهم⁣(⁣١) عنه بأَنه المَرْعَى.

  وقال الزجاج: الأَبُّ جَمِيعُ الكَلإِ الذي تَعْتَلِفُه الماشِية.

  وفي التنزيل العزيز: وفاكِهةً وأَبّاً.

  قال أَبو حنيفة: سَمَّى اللَّه تعالى المرعَى كُلَّه أَبّاً.

  قال الفرَّاءُ: الأَبُّ ما يأْكُلُه الأَنعامُ.

  وقال مجاهد: الفاكهةُ ما أَكَله الناس، والأَبُّ ما أَكَلَتِ الأَنْعامُ، فالأَبُّ من المَرْعى للدَّوابِّ كالفاكِهةِ للانسان.

  وقال الشاعر:

  جِذْمُنا قَيْسٌ، ونَجْدٌ دارُنا ... ولَنا الأَبُّ به والمَكْرَعُ


(١) قوله بعضهم: هو ابن دريد كما في المحكم.