لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الصاد]

صفحة 516 - الجزء 2

  بعد الإِيمان، وقلب أَجْرُدُ مثل السِّراج يَزْهَرُ فذلك قلب المؤمن، وقلب مُصْفَحٌ اجتمع فيه النفاق والإِيمان، فمَثَلُ الإِيمان فيه كمَثَل بقلة يُمِدُّها الماءُ العذبُ، ومَثَل النفاق كمثل قَرْحة يُمِدُّها القَيْحُ والدمُ، وهو لأَيهما غَلَبَ؛ المُصْفَحُ الذي له وجهان: يلقى أَهلَ الكفر بوجه وأَهل الإِيمان بوجه.

  وصَفْحُ كل شيء: وجهه وناحيته، وهو معنى الحديث الآخر: من شَرِّ الرجال ذو الوجهين، الذي يأْتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه وهو المنافق.

  وجعل حذيفةُ قلب المنافق الذي يأَتي الكفار بوجه وأَهل الإَيمان بوجه آخر ذا وجهين؛ قال الأَزهري: وقال شمر فيما قرأْت بخطه: القلبُ المُصْفَحُ زعم خالد أَنه المُضْجَعُ الذي فيه غِلٌّ الذي ليس بخالص الدين؛ وقال ابن بُزُرْجٍ: المُصْفَحُ المقلوب؛ يقال: قلبت السيف وأَصْفَحْتُه وصابَيْتُه؛ والمُصْفَحُ: المُصابَى الذي يُحَرَّف على حدّه إِذا ضُرب به ويُمالُ إِذا أَرادوا أَن يَغْمِدُوه.

  ويقال: صَفَح فلان عني أَي أَعرض بوجه ووَلَّاني وَجْه قَفاه؛ وقوله أَنشده ثعلب:

  ونادَيْتُ شِبْلاً فاسْتَجابَ، وربما ... ضَمِنَّا القِرَى عَشْراً لمن لا نُصافِحُ

  ويروى: ضَمِنَّا قِرَى عَشْرٍ لمن لا نُصافِحُ؛ فسره فقال: لمن لا نصافح أَي لمن لا نعرف، وقيل: للأَعداء الذين لا يحتمل أَن نُصافحهم.

  والمُصْفَحُ من سهام المَيْسر: السادسُ، ويقال له: المُسْبِلُ أَيضاً؛ أَبو عبيد: من أَسماء قداح المَيْسِر المُصْفَحُ والمُعَلَّى.

  وصَفْحٌ: اسم رجل من كَلْب بن وَبْرَة، وله حديث عند العرب معروف؛ وأَما قول بشر:

  رَضِيعَةُ صَفْحٍ بالجِباه مُلِمَّةٌ ... لها بَلَقٌ فوقَ الرُّؤوسِ مُشَهَّرُ⁣(⁣١)

  فهو اسم رجل من كلب جاور قوماً من بني عامر فقتلوه غَدْراً؛ يقول: غَدْرَتكم بصَفْحٍ الكَلْبيِّ.

  وصِفاحُ نَعْمانَ: جبال تُتاخِمُ هذا الجبل وتصادفه؛ ونَعْمانُ: جبل بين مكة والطائف؛ وفي الحديث ذكر الصِّفاحِ، بكسر الصاد وتخفيف الفاء، موضع بين حُنَين وأَنصابِ الحَرَم يَسْرَةَ الداخل إِلى مكة.

  وملائكةُ الصَّفيح الأَعْلى: هو من أَسماء السماء، وفي حديث عليّ وعمار: الصَّفِيحُ الأَعْلى من مَلَكُوته.

  صقح: الصُّقْحةُ⁣(⁣٢): الصَّلَعةُ.

  ورجل أَصْقَحُ: أَصْلَعُ، يَمانِيةٌ.

  صلح: الصَّلاح: ضدّ الفساد؛ صَلَح يَصْلَحُ ويَصْلُح صَلاحاً وصُلُوحاً؛ وأَنشد أَبو زيد:

  فكيفَ بإِطْراقي إِذا ما شَتَمْتَني؟ ... وما بعدَ شَتْمِ الوالِدَيْنِ صُلُوحُ

  وهو صالح وصَلِيحٌ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، والجمع صُلَحاءُ وصُلُوحٌ؛ وصَلُح: كصَلَح، قال ابن دريد: وليس صَلُحَ بثَبَت.

  ورجل صالح في نفسه من قوم صُلَحاء ومُصْلِح في أَعماله وأُموره، وقد أَصْلَحه الله، وربما كَنَوْا بالصالح عن الشيء الذي هو إِلى الكثرة كقول يعقوب: مَغَرَتْ في الأَرض مَغْرَةٌ من مطر؛ هي مَطَرَةٌ صالحة، وكقول


(١) قوله [بالجباه] كذا بالأصل بهذا الضبط. وفي ياقوت الجباة، بفتح الجيم ونقط الهاء، والخراسانيون يروونه الجباه بكسر الجيم وآخره هاء محضة: وهو ماء بالشام بين حلب وتدمر.

(٢) قوله [الصقحة الخ] كذا بالأصل بهذا الضبط. وعبارة المجد وشرحه: الصقح، محركة، الصلع، والنعت أصقح، وهي صقحاء والاسم الصقحة، محركة، والصقحة، بالضم، لغة يمانية.