لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الكاف]

صفحة 147 - الجزء 1

  بتَأْدِيبٍ لا يَبْلُغ الحَدّ، ومن صَرَّحَ بالقذْفِ، فَرَكِب نَهَر الحُدُودِ ووَسَطَه، أَلْقَيْناه في نَهَرِ الحَدِّ فَحَدَدْناه.

  وذلك أَن الكَلَّاءَ مَرْفَأُ السُّفُن عند الساحِل.

  وهذا مَثَل ضَرَبه لمن عَرَّضَ بالقَذْف، شَبَّهه في مُقارَبَتِه للتَّصريح بالماشي على شاطِيءِ النَّهَر، وإلقاؤُه في الماءِ إيجابُ القذف عليه، وإلزامُه الحَدَّ.

  ويُثنَّى الكَلَّاءُ فيقال: كَلَّاآن، ويجمع فيقال: كَلَّاؤُون.

  قال أَبو النجم:

  تَرَى بِكَلَّاوَيْه مِنه عَسْكَرا ... قَوْماً يَدُقُّونَ الصَّفَا المُكَسَّرا

  وَصَف الهَنِيءَ والمرِيءَ، وهما نَهرانِ حَفَرهما هِشامُ بن عبد الملك.

  يقول: تَرَى بِكَلَّاوَي هذا النهر من الحَفَرَةِ قوْماً يَحْفِرُون ويَدُقُّونَ حجارةً مَوْضِعَ الحَفْرِ منه، ويُكَسِّرُونها.

  ابن السكيت: الكَلَّاءُ: مُجْتَمَعُ السُّفُن، ومن هذا سمي كَلَّاءُ البَّصْرَة كَلَّاءً لاجتماع سُفُنِه.

  وكَلأَ الدَّيْنُ، أَي تَأَخَر، كَلأً.

  والكالِئُ والكُلأَة: النَّسيِئة والسُّلْفةُ.

  قال الشاعر:

  وعَيْنُه كالكالِئِ الضِّمَارِ

  أَي نَقْدُه كالنَّسِيئةِ التي لا تُرْجَى.

  وما أَعْطَيْتَ في الطَّعامِ مِن الدَّراهم نَسِيئةً، فهو الكُلأَة، بالضم.

  وأَكلأَ في الطعام وغيره إكْلاءً، وكَلأَ تَكْلِيْئاً: أَسْلَفَ وسَلَّمَ.

  أَنشد ابن الأَعرابي:

  فَمَنْ يُحْسِنْ إليهم لا يُكَلِّئْ ... إلى جارٍ، بذاكَ، ولا كَرِيمِ

  وفي التهذيب:

  إلى جارٍ، بذاك، ولا شَكُورِ

  وأَكْلأَ إكْلاءً، كذلك.

  واكْتَلأَ كُلأَةً وتَكَلأَها: تَسَلَّمَها.

  وفي الحديث: أَنه، ، نَهَى عن الكالِئِ بالكالِئِ.

  قال أَبو عبيدة: يعني النَّسِيئةَ بالنَّسِيئةِ.

  وكان الأَصمعي لا يَهْمِزه، ويُنْشِد لعَبِيد بن الأَبْرَصِ:

  وإذا تُباشِرُكَ الهُمُومُ ... فإِنَّها كالٍ وناجِزْ

  أَي منها نَسيئةٌ ومنها نَقْدٌ.

  أَبو عبيدة: تَكَلأْتُ كُلأَةً أَي اسْتَنْسَأْتُ نَسِيئةً، والنَّسِيئةُ: التَّأخِيرُ، وكذلك اسْتَكلأْتُ كُلأَةً، بالضم، وهو من التَّأخِير.

  قال أَبو عبيد: وتفسيره أَن يُسْلِمَ الرَّجُلُ إلى الرجل مائةَ دِرهمٍ إلى سنة في كُرِّ طَعام، فإذا انقَضَت السنةُ وحَلَّ الطَّعامُ عليه، قال الذي عليه الطَّعامُ للدّافع: ليس عندي طَعامٌ، ولكن بِعْنِي هذا الكُرَّ بمائتي درهم إلى شهر، فَيبيعُه منه، ولا يَجرِي بينهما تَقابُضٌ، فهذه نَسِيئةٌ انتقلت إلى نَسِيئةٍ، وكلُّ ما أَشبه هذا هكذا.

  ولو قَبَضَ الطعامَ منه ثم باعَه منه أَو مِن غيره بِنَسيئةٍ لم يكن كالئاً بكالِئٍ.

  وقول أُمية الهذَلي:

  أُسَلِّي الهُمومَ بأَمْثالِها ... وأَطْوِي البلادَ وأَقْضِي الكَوالي

  أَراد الكوالِئَ، فإِمَّا أَن يكون أَبْدَلَ، وإما أَن يكون سَكَّن، ثم خَفَّفَ تخفيفاً قِياسِيّاً.

  وبَلَّغَ اللَّه بك أَكْلأَ العُمُرِ أَي أَقْصَاه وآخِرَه وأَبْعَدَه.

  وكَلأَ عُمُرُه: انْتَهَى.

  قال:

  تَعَفَّفْتُ عنها في العُصُورِ التي خَلَتْ ... فَكَيْفَ التَّصابي بَعْدَما كَلأَ العُمْرُ