لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الباء الموحدة]

صفحة 88 - الجزء 3

  وفي المحكم:

  كَبَرْدِيَّةِ الغِيلِ وَسْطَ الغَريفِ ... قد خالَطَ الماءُ منها السَّريرا

  وقال في المحكم: السرير ساقُ البَرْدي، وقيل: قُطْنُه؛ وذكر ابن برّيّ عجز هذا البيت:

  إِذا خالط الماء منها السُّرورا

  وفسره فقال: الغِيل، بكسر الغين، الغيضة، وهو مغيض ماء يجتمع فينبت فيه الشجر.

  والغريف: نبت معروف.

  قال: والسرور جمع سُرّ، وهو باطن البَرْدِيَّةِ.

  والأَبارِدُ: النُّمورُ، واحدها أَبرد؛ يقال للنَّمِرِ الأُنثى أَبْرَدُ والخَيْثَمَةُ.

  وبَرَدَى: نهر بدمشق؛ قال حسان:

  يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَريصَ عليهِمُ ... بَرَدَى، تُصَفَّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ

  أَي ماء بَرَدَى والبَرَدانِ، بالتحريك: موضع؛ قال ابن مَيَّادة:

  ظَلَّتْ بِنهْيِ البَرَدانِ تَغْتَسِلْ ... تَشْرَبُ منه نَهَلاتٍ وتَعِلْ

  وبَرَدَيَّا: موضع أَيضاً، وقيل: نهر، وقيل: هو نهر دمشق والأَعرف أَنه بَرَدَى كما تقدم.

  والأُبَيْرِد: لقب شاعر من بني يربوع؛ الجوهري: وقول الشاعر:

  بالمرهفات البوارد

  قال: يعني السيوف وهي القواتل؛ قال ابن برّي صدر البيت:

  وأَنَّ أَميرَ المؤمنين أَغَصَّني ... مَغَصَّهما بالمُرْهَفاتِ البَوارِدِ

  رأَيت بخط الشيخ قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان في كتاب ابن برّي ما صورته: قال هذا البيت من جملة أَبيات للعتابي كلثوم بن عمرو يخاطب بها زوجته؛ قال وصوابه:

  وأَنَّ أَميرَ المؤمنين أَغصَّني ... مَغَصَّهُما بالمُشْرِقاتِ البَوارِدِ

  قال: وإِنما وقع الشيخ في هذا التحريف لاتباعه الجوهري لأَنه كذا ذكره في الصحاح فقلده في ذلك، ولم يعرف بقية الأَبيات ولا لمن هي فلهذا وقع في السهو.

  قال محمد بن المكرّم: القاضي شمس الدين بن خلكان، |، من الأَدب حيث هو، وقد انتقد على الشيخ أَبي محمد بن برّي هذا النقد، وخطأَه في اتباعه الجوهري، ونسبه إلى الجهل ببقية الأَبيات، والأَبيات مشهورة والمعروف منها هو ما ذكره الجوهري وأَبو محمد بن بري وغيرهما من العلماء، وهذه الأَبيات سبب عملها أَن العتابي لما عمل قصيدته التي أَوّلها:

  ماذا شَجاكَ بِجَوَّارينَ من طَلَلٍ ... ودِمْنَةٍ، كَشَفَتْ عنها الأَعاصيرُ؟

  بلغت الرشيد فقال: لمن هذه؟ فقيل: لرجل من بني عتاب يقال له كلثوم، فقال الرشيد: ما منعه أَن يكون ببابنا؟ فأَمر بإِشخاصه من رَأْسِ عَيْنٍ فوافى الرشِيدَ وعليه قميص غليظ وفروة وخف، وعلى كتفه مِلحفة جافية بغير سراويل، فأَمر الرشيد أَن يفرش له حجرة، ويقام له وظيفة، فكان الطعام إِذا جاءَه أَخذ منه رقاقة وملحاً وخلط الملح بالتراب وأَكله، وإِذا كان وقت النوم نام على الأَرض والخدم يفتقدونه ويعجبون من فعله، وأُخْبِرَ الرشِيدُ بأَمره فطرده، فمضى إِلى رأْس عَيْنٍ وكان تحته امرأَة من باهلة فلامته وقالت: هذا منصور النمريّ قد أَخذ الأَموال فحلى نساءه وبني داره واشترى ضياعاً وأَنت.

  كما ترى؛ فقال:

  تلومُ على تركِ الغِنى باهِليَّةٌ ... زَوَى الفقرُ عنها كُلَّ طِرْفٍ وتالدِ