لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الحاء المهملة]

صفحة 156 - الجزء 3

  فاعل لتقارب المعنيين.

  والحميد: من صفات الله تعالى وتقدس بمعنى المحمود على كل حال، وهو من الأَسماء الحسنى فعيل بمعنى محمود؛ قال محمد بن المكرم: هذه اللفظة في الأُصول فعيل بمعنى مفعول ولفظة مفعول في هذا المكان ينبو عنها طبع الإِيمان، فعدلت عنها وقلت حميد بمعنى محمود، وإِن كان المعنى واحداً، لكن التفاصح في التفعيل هنا لا يطابق محض التنزيه والتقديس لله ø؛ والحمد والشكر متقاربان والحمد أَعمهما لأَنك تحمد الإِنسان على صفاته الذاتية وعلى عطائه ولا تشكره على صفاته؛ ومنه الحديث: الحمد رأْس الشكر؛ ما شكر الله عبد لا يحمده، كما أَن كلمة الإِخلاص رأْس الإِيمان، وإِنما كان رأْس الشكر لأَن فيه إِظهار النعمة والإِشادة بها، ولأَنه أَعم منه، فهو شكر وزيادة.

  وفي حديث الدعاء: سبحانك اللهم وبحمدك أَي وبحمدك أَبتدئ، وقيل: وبحمدك سبحت، وقد تحذف الواو وتكون الواو للتسبب أَو للملابسة أَي التسبيح مسبب بالحمد أَو ملابس له.

  ورجل حُمَدَةٌ كثير الحمد، ورجل حَمَّادٌ مثله.

  ويقال: فلان يتحمد الناس بجوده أَي يريهم أَنه محمود.

  ومن أَمثالهم: من أَنفق ماله على نفسه فلا يَتَحَمَّد به إِلى الناس؛ المعنى أَنه لا يُحْمَدُ على إِحسانه إِلى نفسه، إِنما يحمد على إِحسانه إِلى الناس؛ وحَمَدَه وحَمِدَه وأَحمده: وجده محموداً؛ يقال: أَتينا فلاناً فأَحمدناه وأَذممناه أَي وجدناه محموداً أَو مذموماً.

  ويقال: أَتيت موضع كذا فأَحمدته أَي صادفته محموداً موافقاً، وذلك إِذا رضيت سكناه أَو مرعاه.

  وأَحْمَدَ الأَرضَ: صادفها حميدة، فهذه اللغة الفصيحة، وقد يقال حمدها.

  وقال بعضهم: أَحْمَدَ الرجلَ إِذا رضي فعله ومذهبه ولم ينشره.

  سيبويه: حَمِدَه جزاه وقضى حقه، وأَحْمَدَه استبان أَنه مستحق للحمد.

  ابن الأَعرابي: رجل حَمْد وامرأَة حَمْدْ وحَمْدة محمودان ومنزل حَمْد؛ وأَنشد:

  وكانت من الزوجات يُؤْمَنُ غَيْبُها ... وتَرْتادُ فيها العين مُنْتَجَعاً حَمْدا

  ومنزلة حَمْد؛ عن اللحياني.

  وأَحْمَد الرجلُ: فعل ما يُحْمد عليه.

  وأَحْمَدَ الرجلُ: صار أَمره إِلى الحمد.

  وأَحمدته: وجدته محموداً؛ قال الأَعشى:

  وأَحْمَدْتَ إِذ نَجَّيْتَ بالأَمس صِرْمَة ... لها غُدَاداتٌ واللَّواحِقُ تَلْحَق

  وأَحْمَد أَمرَه: صار عنده محموداً.

  وطعام لَيْسَت مَحْمِدة⁣(⁣١).

  أَي لا يحمد.

  والتحميد: حمدك الله ø، مرة بعد مرة.

  الأَزهري: التحميد كثرة حمد الله سبحانه بالمحامد الحسنة، والتحميد أَبلغ من الحمد.

  وإِنه لَحَمَّاد لله، ومحمد هذا الاسم منه كأَنه حُمدَ مرة بعد أُخرى.

  وأَحْمَد إِليك الله: أَشكره عندك؛ وقوله:

  طافت به فَتَحامَدَتْ رُكْبانه

  أَي حُمد بعضهم عند بعض.

  الأَزهري: وقول العرب أَحْمَد إِليك اللَّه أَي أَحمد معك اللَّه؛ وقال غيره: أَشكر إِليك أَياديَه ونعمه؛ وقال بعضهم: أَشكر إِليك نعمه وأُحدثك بها.

  هل تَحْمد لهذا الأَمر أَي ترضاه؟ قال الخليل: معنى قولهم في الكتب احمد إِليك الله أَي احمد معك الله؛ كقول الشاعر:

  ولَوْحَيْ ذراعين في بِرْكَة ... إِلى جُؤجُؤٍ رَهِل المنكب


(١) قوله [وطعام ليست محمدة الخ] كذا بالأَصل والذي في شرح القاموس وطعام ليست عنده محمدة أي لا يحمده آكله، وهو بكسر الميم الثانية.