لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الشين المعجمة]

صفحة 233 - الجزء 3

  المَدّعَى عليه، فتثبت داود، #، وقال: هو المنام، فأَتاه الوحي بعد ذلك أَن يقتله فأَحضره ثم أَعلمه أَن الله يأْمرُه بقتله، فقال المدّعَى عليه: إِن الله ما أَخَذَني بهذا الذنب وإِني قتلت أَبا هذا غِيلَة، فقتله داود، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وذلك مما عظَّمَ الله به هَيْبَتَه وشدَّدَ ملْكه.

  وشدَّ على يده: قوَّاه وأَعانه؛ قال:

  فإِني، بحَمْدِ اللَّه، لا سَمَّ حَيَّةٍ ... سَقَتْني، ولا شَدَّتْ على كفِّ ذابح

  وشَدَدْتُ الشيءَ أَشُدُّه شَدّاً إِذا أَوثَقْتَه.

  قال الله تعالى: فشُدُّوا الوَثاق.

  وقال تعالى: اشْدُدْ به أَزري.

  ابن الأَعرابي: يقال حَلَبْتَ بالساعِدِ الأَشَدِّ أَي استعَنْتَ بمن يقومُ بأَمرك ويُعْنى بحاجتك.

  وقال أَبو عبيد: يقال حَلَبْتُها بالساعِدِ الأَشَدِّ أَي حين لم أَقْدِر على الرِّفْق أَخَذْتُه بالقُوَّةِ والشِّدَّةِ؛ ومثلُه قوله مُجاهرَةً إِذا لم أَجِدْ مُخْتَلى.

  ومن أَمثالهم في الرجل يحرز بعض حاجته ويَعْجِز عن تمامها: بَقِيَ أَشَدُّه.

  قال أَبو طالب: يقال إِنه كان فيما يحكى عن البهائم أَن هرّاً كان قد أَفنى الجُرْذان، فاجتمع بقيتها وقلن: تعالَيْن نحتال بحيلة لهذا الهرّ، فأَجمع رأْيُهن على تعليق جُلْجُل في رقبته، فإِذا رآهن سمعن صوت الجلجل فهربن منه، فجئن بجلجل وشددنه في خيط ثم قلن: من يعلقه في عنقه؟ فقال بعضهن: بقي أَشَدُّه؛ وقد قيل في ذلك:

  أَلا آمْرُؤٌ يَعْقِدُ خَيْطَ الجُلْجُلِ

  ورجل شديدٌ: قويٌّ، والجمع أَشِدّاءُ وشِدادٌ وشُددٌ: عن سيبويه، قال: جاء على الأَصل لأَنه لم يشبه الفعل.

  وقد شَدَّ يشِدّ، بالكسر لا غير، شِدَّةً إِذا كان قويّاً، وشادَّه مُشادَّة وشِداداً: غالبه.

  وفي الحديث: مَن يُشادّ هذا الدِّينَ يَغْلِبُه؛ أَراد يَغْلِبُه الدينُ، أَي من يُقاويه ويعاوِمُه ويُكَلِّف نفسه من العبادة فوق طاقته.

  والمُشادَدَة: المُغالَبَة، وهو مثل الحديث الآخر: إِن هذا الدينَ مَتِينٌ فأَوْغِلْ فيه برفق.

  وأَشَدَّ الرجلُ إِذا كانت دوابُّه شِداداً.

  والمُشادَّة في الشيء: التَّشَدُّد فيه.

  ويقال للرجل⁣(⁣١) إِذا كُلِّفَ عملًا: ما أَملك شَدّاً ولا إِرخاءً أَي لا أَقدر على شيء.

  وشَدَّ عَضُدَه أَي قَوَّاه.

  واشْتَدَّ الشيءُ: من الشِّدَّة.

  أَبو زيد: أَصابَتْني شُدَّى على فُعْلَى أَي شِدَّة.

  وأَشَدَّ الرجل إِذا كانت معه دابة شديدة.

  وفي الحديث: يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ على مُضْعِفِهِمْ؛ المُشِدُّ: الذي دوابه شَديدة قوية، والمُضْعِفُ: الذي دوابه ضعيفة.

  يريد أَن القويّ من الغُزاة يُساهِمُ الضعيف فيما يَكْسِبه من الغنيمة.

  والشَّديدُ من الحروف ثمانية أَحرف وهي: الهمزة والقاف والكاف والجيم والطاء والدال والتاء والباء، قال ابن جني: ويجمعها في اللفظ قولك: [أَجَدْتَ طَبَقَكَ، وأَجِدُكَ طَبَقْتَ].

  والحروف التي بين الشديدة والرخوة ثمانية وهي: الأَلف والعين والياء واللام والنون والراء والميم والواو يجمعها في اللفظ قولك: [لم يُرَوِّعْنا] وإِن شئت قلت [لم يَرَ عَوْناً] ومعنى الشديد أَنه الحرف الذي يمنع الصوت أَن يجْرِيَ فيه، أَلا ترى أَنك لو قلت الحق والشرط ثم رمت مدّ صوتك في القاف والطاء لكان ممتنعاً؟ ومِسْكٌ شَديدُ الرائحة: قويها ذَكِيُّها.

  ورجل شديد العين: لا يغلبه النوم، وقد يستعار ذلك في الناقة؛ قال الشاعر:

  باتَ يقاسى كلَّ نابٍ ضِرِزَّةٍ ... شَديدةِ حَفْنِ العَينِ، ذاتِ ضَرِيرِ


(١) قوله [ويقال للرجل] كذا بالأَصل ولعل الأَولى ويقول الرجل.