لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الشين المعجمة]

صفحة 235 - الجزء 3

  أَنَّكَ ذاهب، كقولك: حَقّاً أَنك ذاهب، قال: وإِن شئت جعلت شَدَّ بمنزلة نِعْمَ كما تقول: نِعْمَ العملُ أَنك تقولُ الحَقَّ.

  والشِّدَّة: النَّجْدَة وثَباتُ القلب.

  وكلُّ شَديدٍ شُجاعٌ.

  والشَّدة، بالفتح: الحملة الواحدة.

  والشَّدُّ.

  الحَمْل.

  وشَدَّ على القوم في القتال يَشِدُّ ويَشُدُّ شَدّاً وشُدوداً: حَمَلَ.

  وفي الحديث: أَلا تَشِدُّ فَنَشِدَّ معك؟ يقال: شَدَّ في الحرب يَشِد، بالكسر؛ ومنه الحديث: ثم شَدَّ عليه فكان كأَمْسِ الذاهب أَي حَمَلَ عليه فقتله.

  وشَدَّ فلان على العدوِّ شَدَّة واحدة، وشدَّ شَدَّاتٍ كثيرة.

  أَبو زيد: خِفْتُ شُدَّى فلانٍ أَي شِدَّته؛ وأَنشد:

  فإِني لا أَلِينُ لِقَوْلِ شُدَّى ... ولو كانتْ أَشَدَّ من الحَديدِ

  ويقال: أَصابَتْني شُدَّى بعدك أَي الشِّدَّةُ مُدَّةً.

  وشَدَّ الذئب على الغنم شَدّاً وشُدُوداً: كذلك.

  ورُؤِيَ فارس يومَ الكُلابِ من بني الحرث يَشِدُّ على القوم فيردّهم ويقول: أَنا أَبو شَدّادٍ، فإِذا كرُّوا عليه رَدَّهم وقال: أَنا أَبو رَدَّاد.

  وفي حديث قيام شهر رمضان: أَحْيا الليلَ وشَدَّ المِئْزر؛ وهو كناية عن اجتناب النساء، أَو عن الجِدِّ والاجتهاد في العمل أَو عنهما معاً.

  والأَشُدُّ: مَبْلَغُ الرجل الحُنْكَةَ والمَعْرِفَةَ؛ قال الله ø: حتى إِذا بلغ أَشُده؛ قال الفراء: الأَشُدُّ واحدها شَدٌّ في القياس، قال: ولم أَسمع لها بواحد؛ وأَنشد:

  قد سادَ، وهْو فَتىً، حتى إِذا بَلَغَتْ ... أَشُدُّه، وعَلا في الأَمْرِ واجْتَمَعا

  أَبو الهيثم: واحدة الأَنْعُم نعْمَةٌ وواحدة الأَشُدِّ شِدَّة.

  قال: والشِّدَّة القُوَّة والجَلادَة.

  والشَّديدُ: الرجل القَوِيّ، وكأَنّ الهاء في النعمة والشِّدَّة لم تكن في الحرف إِذ كانت زائدة، وكأَنّ الأَصلَ نِعْمَ وشَدَّ فجمعا على أَفْعُل كما قالوا: رجُل وأَرجُل، وقَدَح وأَقْدُح، وضِرْسٌ وأَضْرُس.

  ابن سيده: وبلغ الرجل أَشُدَّه إِذا اكْتَهَل.

  وقال الزجاج: هو من نحو سبع عشرة إِلى الأَربعين.

  وقال مرة: هو ما بين الثلاثين والأَربعين، وهو يذكر ويؤَنث؛ قال أَبو عبيد: واحدها شَدٌّ في القياس؛ قال: ولم أَسمع لها بواحدة؛ وقال سيبويه: واحدتها شِدَّة كنِعْمَة وأَنْعُم؛ ابن جني: جاء على حذف التاء كما كان ذلك في نِعْمَة وأَنْعُم.

  وقال ابن جني: قال أَبو عبيد: هو جمع أَشَدّ على حذف الزيادة؛ قال: وقال أَبو عبيدة: ربما استكرهوا على حذف هذه الزيادة في الواحد؛ وأَنشد بيت عنترة:

  عَهْدِي به شَدَّ النَّهارِ، كأَنَّما ... خُضِبَ اللَّبانُ ورأْسُه بالعِظْلِمِ

  أَي أَشَدَّ النهار، يعني أَعلاه وأَمْتَعَه.

  قال ابن سيده: وذهب أَبو عثمان فيما رويناه عن أَحمد بن يحيى عنه أَنه جمع لا واحد له.

  وقال السيرافي: القياس شَدٌّ وأَشُدّ كما يقال قَدٌّ وأَقُدٌّ، وقال مرة أُخرى: هو جمع لا واحد له، وقد يقال بلغ أَشَدَّه، وهي قليلة؛ قال الأَزهري: الأَشُدُّ في كتاب الله تعالى في ثلاثة معان يقرب اختلافها، فأَما قوله في قصة يوسف، #: ولمَّا بَلَغَ أَشُدَّه؛ فمعناه الإِدْراكُ والبلوغ وحينئذ راودته امرأَة العزيز عن نفسه؛ وكذلك قوله تعالى: ولا تقْرَبوا مالَ اليتيم إِلَّا بالتي هي أَحسن حتى يبلغَ أَشُدَّه؛ قال الزجاج: معناه احفظوا عليه ماله حتى يبلغَ أَشُدَّه فإِذا بلغ أَشُدَّه فادفعوا إِليه ماله؛ قال: وبُلُوغُه أَشُدَّه أَن يُؤْنَسَ منه الرُّشْدُ مع