لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الصاد المهملة]

صفحة 253 - الجزء 3

  فَصَعِدَتِ الجبال، ذَكره في الهمز. وفي التنزيل: إِذ تُصْعِدُونَ ولا تَلْوُونَ على أَحَدٍ؛ قال الفراء: الإِصْعادُ في ابتداء الأَسفار والمخارج، تقول: أَصْعَدْنا من مكة، وأَصْعَدْنا من الكوفة إِلى خُراسان وأَشباه ذلك، فإِذا صَعِدْتَ في السُّلَّمِ وفي الدَّرَجَةِ وأَشباهه قُلْتَ: صَعِدْتُ، ولم تقل أَصْعَدْتُ.

  وقرأَ الحسن: إِذ تَصْعَدُون؛ جعل الصُّعودَ في الجبل كالصُّعُود في السلم.

  ابن السكيت: يقال صَعِدَ في الجبل وأَصْعَدَ في البلاد.

  ويقال: ما زلنا في صَعود، وهو المكان فيه ارتفاع.

  وقال أَبو صخر: يكون الناس في مَباديهم، فإِذا يَبِسَ البقل ودخل الحرّ أَخذوا إِلى حاضِرِهِم، فمن أَمَّ القبلة فهو مُصْعِدٌ، ومن أَمَّ العراق فهو مُنْحَدِرٌ؛ قال الأَزهري: وهذا الذي قاله أَبو صخر كلام عربي فصيح، سمعت غير واحد من العرب يقول: عارَضْنا الحاجَّ في مَصْعَدِهم أَي في قَصْدِهم مكةَ، وعارَضْناهم في مُنْحَدَرِهم أَي في مَرْجِعهم إِلى الكوفة من مكة.

  قال ابن السكيت: وقال لي عُمارَة: الإِصْعادُ إِلى نجد والحجاز واليمن، والانحدار إِلى العراق والشام وعُمان.

  قال ابن عرفة: كُلُّ مبتدئ وجْهاً في سفر وغيره، فهو مُصْعِدٌ في ابتدائه مُنْحَدِرٌ في رجوعه من أَيّ بلد كان.

  وقال أَبو منصور: الإِصْعادُ الذهاب في الأَرض؛ وفي شعر حسان:

  يُبارينَ الأَعِنَّةَ مُصْعِداتٍ

  أَي مقبلات متوجهات نحوَكم.

  وقال الأَخفش: أَصْعَدَ في البلاد سار ومضى وذهب؛ قال الأَعشى:

  فإِنْ تَسْأَلي عني، فَيَا رُبَّ سائِلٍ ... حَفِيٍّ عَن الأَعشى، به حَيْثُ أَصْعَدا

  وأَصْعَدَ في الوادي: انحدر فيه، وأَما صَعِدَ فهو ارتقى.

  ويقال: أَصْعَدَ الرجلُ في البلاد حيث توجه.

  وأَصْعَدَتِ السفينةُ إِصْعاداً إِذا مَدَّت شِراعَها فذهبت بها الريح صَعَداً.

  وقال الليث: صَعِدَ إِذا ارتقى، وأَصْعَدَ يُصْعِدُ إِصْعاداً، فهو مُصْعِدٌ إِذا صار مُسْتَقْبِلَ حَدُورٍ أَو نَهَر أَو واد، أَو أَرْفَعَ⁣(⁣١): من الأُخرى؛ قال: وصَعَّدَ في الوادي يُصَعّدُ تَصْعِيداً وأَصْعَدَ إِذا انحدر فيه.

  قال الأَزهري: والاصِّعَّادُ عندي مثل الصُّعُود.

  قال الله تعالى: كأَنما يَصَّعِّد في السماء.

  يقال: صَعِدَ واصَّعَّدَ واصَّاعَدَ بمعنى واحد.

  ورَكَبٌ مُصْعِدٌ: ومُصَّعِّدٌ: مرتفع في البطن منتصب؛ قال:

  تقول ذاتُ الرَّكَبِ المُرَفَّدِ: ... لا خافضٍ جِدّاً، ولا مُصَّعِّد

  وتصَعَّدني الأَمرُ وتَصاعَدني: شَقَّ عليَّ.

  والصُّعَداءُ، بالضم والمدّ: تنفس ممدود.

  وتصَعَّدَ النَّفَسُ: صَعُبَ مَخْرَجُه، وهو الصُّعَداءُ؛ وقيل: الصُّعَداءُ النفَسُ إِلى فوق ممدود، وقيل: هو النفَسُ بتوجع، وهو يَتَنَفَّسُ الصُّعَداء ويتنفس صُعُداً.

  والصُّعَداءُ: هي المشقة أَيضاً.

  وقولهم: صَنَعَ أَو بَلَغَ كذا وكذا فَصاعِداً أَي فما فوق ذلك.

  وفي الحديث: لا صلاةَ لمن لم يقرأْ بفاتحة الكتاب فَصاعِداً أَي فما زاد عليها، كقولهم: اشتريته بدرهم فصاعداً.

  قال سيبويه: وقالوا أَخذته بدرهم فصاعداً؛ حذفوا الفعل لكثرة استعمالهم إِياه، ولأَنهم أَمِنوا أَن يكون على الباء، لأَنك لو قلت أَخذته بِصاعِدٍ كان قبيحاً، لأَنه صفة ولا يكون في موضع الاسم، كأَنه قال أَخذته بدرهم فزاد الثمنُ صاعِداً


(١) قوله [أو أرفع الخ] كذا بالأصل المعوّل عليه، ولعل فيه سقطاً والأَصل أو أرض أَرفع بقرينة قوله الأَخرى وقال الأَساس أصعد في الأَرض مستقبل أرض أخرى.