لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل القاف]

صفحة 354 - الجزء 3

  والقَصْد في الشيء: خلافُ الإِفراطِ وهو ما بين الإِسراف والتقتير.

  والقصد في المعيشة: أَن لا يُسْرِفَ ولا يُقَتِّر.

  يقال: فلان مقتصد في النفقة وقد اقتصد.

  واقتصد فلان في أَمره أَي استقام.

  وقوله: ومنهم مُقْتَصِدٌ؛ بين الظالم والسابق.

  وفي الحديث: ما عالَ مقتصد ولا يَعِيلُ أَي ما افتقر من لا يُسْرِفُ في الانفاقِ ولا يُقَتِّرُ.

  وقوله تعالى: واقْصِدْ في مشيك واقصد بذَرْعِك؛ أَي ارْبَعْ على نفسِك.

  وقصد فلان في مشيه إِذا مشى مستوياً، ورجل قَصْد ومُقْتَصِد والمعروف مُقَصَّدٌ: ليس بالجسيم ولا الضئِيل.

  وفي الحديث عن الجُرَيْرِيِّ قال: كنت أَطوف بالبيت مع أَبي الطفيل، فقال: ما بقي أَحد رأَى رسولَ الله، ، غيري، قال: قلت له: ورأَيته؟ قال: نعم، قلت: فكيف كان صفته؟ قال: كان أَبيضَ مَلِيحاً مُقَصَّداً؛ قال: أَراد بالمقصد أَنه كان رَبْعة بين الرجلين وكلُّ بَيْن مستوٍ غيرِ مُشْرفٍ ولا ناقِص فهو قَصْد، وأَبو الطفيل هو واثلة بن الأَسقع.

  قال ابن شميل: المُقَصَّدُ من الرجال يكون بمعنى القصد وهو الربعة.

  وقال الليث: المقصَّد من الرجال الذي ليس بجسيم ولا قصير وقد يستعمل هذا النعت في غير الرجال أَيضاً؛ قال ابن الأَثير في تفسير المقصد في الحديث: هو الذي ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم كأَنَّ خَلْقه يجيءُ به القَصْدُ من الأُمور والمعتدِلُ الذي لا يميل إِلى أَحد طرفي التفريط والإِفراط.

  والقَصْدَةُ من النساء: العظيمة الهامةِ التي لا يراها أَحد إِلَّا أَعجبته.

  والمَقْصَدَةُ: التي إِلى القِصَر.

  والقاصد: القريب؛ يقال: بيننا وبين الماء ليلة قاصدة أَي هينة السير لا تَعَب ولا بُطء.

  والقَصِيدُ من الشِّعْر: ما تمَّ شطر أَبياته، وفي التهذيب: شطر ابنيته، سمي بذلك لكماله وصحة وزنه.

  وقال ابن جني: سمي قصيداً لأَنه قُصِدَ واعتُمِدَ وإِن كان ما قَصُر منه واضطرب بناؤُه نحو الرمَل والرجَز شعراً مراداً مقصوداً، وذلك أَن ما تمَّ من الشِّعْر وتوفر آثرُ عندهم وأَشَدُّ تقدماً في أَنفسهم مما قَصُر واختلَّ، فسَمُّوا ما طال ووَفَرَ قَصِيداً أَي مُراداً مقصوداً، وإِن كان الرمل والرجز أَيضاً مرادين مقصودين، والجمع قصائد، وربما قالوا: قَصِيدَة.

  الجوهري: القَصِيدُ جمع القَصِيدة كسَفِين جمع سفينة، وقيل: الجمع قصائدُ وقصِيدٌ؛ قال ابن جني: فإِذا رأَيت القصيدة الواحدة قد وقع عليها القصيد بلا هاء فإِنما ذلك لأَنه وُضِعَ على الواحد اسمُ جنس اتساعاً، كقولك: خرجت فإِذا السبع، وقتلت اليوم الذئب، وأَكلت الخبز وشربت الماء؛ وقيل: سمي قصيداً لأَن قائله احتفل له فنقحه باللفظ الجيِّد والمعنى المختار، وأَصله من القصيد وهو المخ السمين الذي يَتَقَصَّد أَي يتكسر لِسِمَنِه، وضده الرِّيرُ والرَّارُ وهو المخ السائل الذائب الذي يَمِيعُ كالماء ولا يتقصَّد، والعرب تستعير السِّمَنَ في الكلام الفصيح فتقول: هذا كلام سمين أَي جَيِّد.

  وقالوا: شعر قُصِّدَ إِذا نُقِّحَ وجُوِّدَ وهُذِّبَ؛ وقيل: سمي الشِّعْرُ التامُّ قصيداً لأَن قائله جعله من باله فَقَصَدَ له قَصْداً ولم يَحْتَسِه حَسْياً على ما خطر بباله وجرى على لسانه، بل رَوَّى فيه خاطره واجتهد في تجويده ولم يقتَضِبْه اقتضاباً فهو فعيل من القصد وهو الأَمُّ؛ ومنه قول النابغة:

  وقائِلةٍ: مَنْ أَمَّها واهْتَدَى لها؟ ... زيادُ بنُ عَمْرٍو أَمَّها واهْتَدَى لها

  أَراد قصيدته التي يقول فيها: