[فصل النون]
  وأَنْشِدُها نَشْداً ونِشْداناً إِذا طَلَبْتها، فأَنا ناشِدٌ، وأَنْشَدْتُها فأَنا مُنْشِدٌ إِذا عَرَّفْتَها.
  وفي حديث النبي، ﷺ، وذِكْرِه حَرَمَ مَكَّةَ فقال: لا يُخْتلى خَلاها ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إِلا لمُنْشِد؛ قال أَبو عبيد: المُنْشِدُ المُعَرِّفُ.
  قال: والطالب هو الناشد.
  قال: ومما يُبَيِّنُ لك أَن الناشدَ هو الطالبُ حديثُ النبي، ﷺ، حين سمع رجلاً يَنْشُد ضالَّة في المَسْجِد فقال: يا أَيها الناشِدُ، غيرك الواجِد؛ معناه لا وجَدْت وقال ذلك تأْديباً له حيث طلب ضالته في المسجد، وهو من النَّشِيدِ رفْع الصَّوْتِ.
  قال أَبو منصور: وإِنما قيل للطالب ناشد لرفع صوته بالطلب.
  والنَّشِيدُ: رَفْعُ الصَّوْت، وكذلك المعَرِّفُ يرفع صوته بالتعريف فسمي مُنْشِداً؛ ومن هذا إِنشاد الشعر إِنما هو رفع الصوت.
  وقولهم: نَشَدْتُك بالله وبالرَّحِم، معناه: طلبت إِليك بالله وبحق الرَّحِم برفع نشيدي أَي صوتي.
  وقال أَبو العباس في قولهم: نشدتك الله، قال: النشيد الصوت، أَي سأَلتك بالله برفع نشيدي أَي صوتي.
  قال: وقولهم نشدت الضالة أَي رفعت نشيدي أَي صوتي بطلبها.
  قال: ومنه نَشَدَ الشِّعْر وأَنشده، فنَشده: أَشاد بذكره، وأَنشده إِذا رفعه، وقيل في معنى قوله، ﷺ: ولا تحل لقطتها إِلا لمنشد، قال: إِنه فَرَقَ بقوله هذا بين لُقَطةِ الحرم ولقطة سائر البُلْدانِ لأَنه جعل الحُكْم في لقطة سائر البلاد أَنَّ ملتقطها إِذا عرّفها سنة حلَّ له الانتفاع بها، وجَعَلَ لُقَطَةَ حَرمِ الله محظوراً على مُلْتَقِطِها الانتفاعُ بها وإِن طال تعريفه لها، وحَكَمَ أَنه لا يحل لأَحد التقاطها إِلا بنيَّة تعريفها ما عاشَ، فأَما أَن يأْخذها من مكانها وهو ينوي تعريفها سنة ثم ينتفع بها كما ينتفع بلقطة سائر الأَرض فلا؛ قال الأَزهري: وهذا معنى ما فسره عبد الرحمن بن مهديّ وأَبو عبيد وهو الأَثر.
  غيره: ونَشَدْتُ فلاناً أَنْشُدُه نَشْداً إِذا قلت له نَشَدْتُك اللَّه أَي سأَلتك بالله كأَنك ذكَّرْتَه إِياه فَنَشَدَ أَي تَذَكَّرَ؛ وقول الأَعشى:
  رَبِّي كَرِيمٌ لا يُكَدِّرُ نِعْمَةً ... وإِذا تُنُوشِدَ في المَهارِقِ أَنْشَدَا
  قال أَبو عبيد: يعني النعمان بن المنذر إِذا سئل بكَتْبِ الجَوائِز أَعْطى.
  وقوله تُنُوشِدَ هو في موضع نُشِدَ أَي سُئِلَ.
  التهذيب: الليث: يقال نشد ينشد فلان فلاناً إِذا قال نَشَدْتُكَ بالله والرَّحِم.
  وتقول: ناشَدْتُكَ اللَّه.
  وفي المحكم: نَشَدْتُكَ الله نَشْدَةً ونِشْدَةً ونِشْداناً اسْتَحْلَفْتُكَ بالله، وأَنشدُك بالله إِلا فَعَلْتَ: أَستَحْلِفُكَ بالله.
  ونَشْدَكَ الله أَي أَنْشُدُكَ بالله؛ وقد ناشَدَه مُناشَدةً ونِشاداً.
  وفي الحديث: نَشَدْتك الله والرَّحِم أَي سأَلتُكَ بالله والرَّحِمِ.
  يقال: نَشَدْتُكَ الله وأَنْشُدُك الله وبالله وناشَدتُك اللَّه وبالله أَي سأَلتُك وأَقْسَمْتُ عليك.
  ونَشَدْتُه نِشْدَةً ونِشْداناً ومِناشَدَةً، وتَعْدِيَتُه إِلى مفعولين إِما لأَنه بمنزلة دعوت، حيث قالوا نشدتك الله وبالله، كما قالوا دَعَوْتُه زيداً وبزيد إِلا أَنهم ضمَّنوه معنى ذكَّرْت.
  قال: فأَما أَنشدتك بالله فخطأٌ: ومنه حديث قَيْلَة: فنشدت عليه(١) فسأَلتُه الصُّحْبَة أَي طَلَبْتُ منه.
  وفي حديث أَبي سعيد: أَنَّ الأَعضاء كلَّها تُكَفِّرُ اللسانَ تقول: نِشْدَكَ الله فينا؛ قال ابن الأَثير: النِّشْدَةُ مصدر وأَما نِشْدَك فقيل إِنه حَذَفَ منها التاء وأَقامها مُقامَ الفِعْل، وقيل: هو بناء مرتجل كقِعْدَك اللَّه وعَمْرَكَ الله.
  قال سيبويه: قولهم عَمْرَكَ الله
(١) قوله [فنشدت عليه الخ] كذا بالأصل والذي في نسخة من النهاية يوثق بها فنشدت عنه أي سألت عنه.