[فصل الباء الموحدة]
  أُسامةَ، وهو يعود سعد بن عُبادَةَ، وذلك قبل وَقْعَةِ بَدْرٍ، فلما غشيت المجلسَ عَجاجَةُ الدابة خَمَّرَ عبدُ الله بنُ أُبيّ أَنْفَه ثم قال: لا تُغَبِّرُوا، ثم نزل النبي، ﷺ، فوقف ودعاهم إِلى الله وقرأَ القرآنَ، فقال له عبدُ الله: أَيها المَرْءُ إِن كان ما تقول حقّاً فلا تؤذنا في مجلسنا وارجعْ إِلى رَحْلك، فمن جاءَك منَّا فَقُصَّ عليه؛ ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له: أَي سَعْدُ أَلم تسمعْ ما قال أَبو حُباب؟ قال كذا، فقال سعدٌ: اعْفُ واصفَحْ فوالله لقد أَعطاك الله الذي أَعطاك، ولقد اصطلح أَهلُ هذه البُحَيْرةِ على أَن يُتَوِّجُوه، يعني يُمَلِّكُوه فَيُعَصِّبوه بالعصابة، فلما ردَّ الله ذلك بالحق الذي أَعطاكَ شَرِقَ لذلك فذلك فَعَلَ به ما رأَيْتَ، فعفا عنه النبي، ﷺ.
  والبَحْرَةُ: الفَجْوَةُ من الأَرض تتسع؛ وقال أَبو حنيفة: قال أَبو نصر البِحارُ الواسعةُ من الأَرض، الواحدة بَحْرَةٌ؛ وأَنشد لكثير في وصف مطر:
  يُغادِرْنَ صَرْعَى مِنْ أَراكٍ وتَنْضُبٍ ... وزُرْقاً بأَجوارِ البحارِ تُغادَرُ
  وقال مرة: البَحْرَةُ الوادي الصغير يكون في الأَرض الغليظة.
  والبَحْرةُ: الرَّوْضَةُ العظيمةُ مع سَعَةٍ، وجَمْعُها بِحَرٌ وبِحارٌ؛ قال النمر بن تولب:
  وكأَنها دَقَرَى تُخايِلُ، نَبْتُها ... أُنُفٌ، يَغُمُّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها(١)
  الأَزهري: يقال للرَّوْضَةِ بَحْرَةٌ.
  وقد أَبْحَرَتِ الأَرْضُ إِذا كثرت مناقع الماء فيها.
  وقال شمر: البَحْرَةُ الأُوقَةُ يستنقع فيها الماء.
  ابن الأَعرابي: البُحَيْرَةُ المنخفض من الأَرض.
  وبَحِرَ الرجلُ والبعيرُ بَحَراً، فهو بَحِرٌ إِذا اجتهد في العدوِ طالباً أَو مطلوباً، فانقطع وضعف ولم يزل بِشَرٍّ حتى اسودَّ وجهه وتغير.
  قال الفراء: البَحَرُ أَن يَلْغَى البعيرُ بالماء فيكثر منه حتى يصيبه منه داء.
  يقال: بَحِرَ يَبْحَرُ بَحَراً، فهو بَحِرٌ؛ وأَنشد:
  لأُعْلِطَنَّه وَسْماً لا يُفارِقُه ... كما يُجَزُّ بِحُمَّى المِيسَمِ البَحِرُ
  قال: وإِذا أَصابه الداءُ كُويَ في مواضع فَيَبْرأُ.
  قال الأَزهري: الداء الذي يصيب البعير فلا يَرْوَى من الماء، هو النِّجَرُ، بالنون والجيم، والبَجَرُ، بالباء والجيم، وأَما البَحَرُ، فهو داء يورث السِّلَّ.
  وأَبْحَرَ الرجلُ إِذا أَخذه السِّلُّ.
  ورجلٌ بَحِيرٌ وبَحِرٌ: مسْلُولٌ ذاهبُ اللحم؛ عن ابن الأَعرابي وأَنشد:
  وغِلْمَتي مِنْهُمْ سَحِيرٌ وبَحِرْ ... وآبقٌ، مِن جَذْبِ دَلْوَيْها، هَجِرْ
  أَبو عمرو: البَحِيرُ والبَحِرُ الذي به السِّلُّ، والسَّحِيرُ: الذي انقطعت رِئَتُه، ويقال: سَحِرٌ.
  وبَحِرَ الرجلُ.
  بُهِتَ.
  وأَبْحَرَ الرجل إذا اشتدَّتْ حُمرةُ أَنفه.
  وأَبْحَرَ إِذا صادف إِنساناً على غير اعتمادٍ وقَصدٍ لرؤيته، وهو من قولهم: لقيته صَحْرَةَ بَحْرَةَ أَي بارزاً ليس بينك وبينه شيء.
  والباحِر، بالحاء: الأَحمق الذي إِذا كُلِّمَ بَحِرَ وبقي كالمبهوت، وقيل: هو الذي لا يَتَمالكُ حُمْقاً.
  الأَزهري: الباحِرُ الفُضولي، والباحرُ الكذاب.
  وتَبَحَّر الخبرَ: تَطَلَّبه.
  والباحرُ: الأَحمرُ الشديدُ الحُمرة.
  يقال: أَحمر باحرٌ وبَحْرانيٌّ.
  ابن الأَعرابي:
(١) قوله [تخايل إلخ] سيأتي للمؤلف في مادّة دقر هذا البيت وفيه تخيل بدل تخايل وقال أي تلوّن بالنور فتريك رؤيا تخيل إليك أنها لون ثم تراها لوناً آخر، ثم قطع الكلام الأَول فقال نبتها أنف فنبتها مبتدأ إلخ ما قال.