لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الحاء المهملة]

صفحة 167 - الجزء 4

  قال سيبويه: ويقول الرجل للرجل أَتفعل كذا وكذا يا فلان؟ فيقول: حِجْراً أَي ستراً وبراءة من هذا الأَمر، وهو راجع إِلى معنى التحريم والحرمة.

  الليث: كان الرجل في الجاهلية يلقى الرجل يخافه في الشهر الحرام فيقول: حُجْراً مَحجُوراً أَي حرام محرم عليك في هذا الشهر فلا يبدؤه منه شر.

  قال: فإِذا كان يوم القيامة ورأَى المشركون ملائكة العذاب قالوا: حِجْراً مَحْجُوراً، وظنوا أَن ذلك ينفعهم كفعلهم في الدنيا؛ وأَنشد:

  حتى دعونا بأَرحام لها سلفت ... وقال قائلهم: إِني بحاجور

  يعني بِمَعاذ؛ يقول: أَنا متمسك بما يعيذني منك ويَحْجُرك عني؛ قال: وعلى قياسه العاثُورُ وهو المَتْلَفُ.

  قال الأَزهري.

  أَما ما قاله الليث من تفسير قوله تعالى: ويقولون حجراً محجوراً؛ إِنه من قول المشركين للملائكة يوم القيامة، فإِن أَهل التفسير الذين يُعتمدون مثل ابن عباس وأَصحابه فسروه على غير ما فسره الليث؛ قال ابن عباس: هذا كله من قول الملائكة، فالوا للمشركين حجراً محجوراً أَي حُجِرَتْ عليكم البُشْرَى فلا تُبَشَّرُون بخير.

  وروي عن أَبي حاتم في قوله: [ويقولون حجراً] تمّ الكلام.

  قال أَبو الحسن: هذا من قول المجرمين فقال الله محجوراً عليهم أَن يعاذوا وأَن يجاروا كما كانوا يعاذون في الدنيا ويجارون، فحجر الله عليهم ذلك يوم القيامة؛ قال أَبو حاتم وقال أَحمد اللؤلؤي: بلغني عن ابن عباس أَنه قال: هذا كله من قول الملائكة.

  قال الأَزهري: وهذا أَشبه بنظم القرآن المنزل بلسان العرب، وأَحرى أَن يكون قوله حجراً محجوراً كلاماً واحداً لا كلامين مع إِضمار كلام لا دليل عليه.

  وقال الفرّاء: حجراً محجوراً أَي حراماً محرّماً، كما تقول: حَجَرَ التاجرُ على غلامه، وحَجَرَ الرجل على أَهله.

  وقرئت حُجْراً مَحْجُوراً أَي حراماً محرّماً عليهم البُشْرَى.

  قال: وأَصل الحُجْرِ في اللغة ما حَجَرْتَ عليه أَي منعته من أَن يوصل إِليه.

  وكل ما مَنَعْتَ منه، فقد حَجَرْتَ عليه؛ وكذلك حَجْرُ الحُكَّامِ على الأَيتام: مَنْعُهم؛ وكذلك الحُجْرَةُ التي ينزلها الناس، وهو ما حَوَّطُوا عليه.

  والحَجْرُ، ساكنٌ: مَصْدَرُ حَجَر عليه القاضي يَحْجُر حَجْراً إِذا منعه من التصرف في ماله.

  وفي حديث عائشة وابن الزبير: لقد هَمَمْتُ أَن أَحْجُرَ عليها؛ هو من الحَجْر المَنْعِ، ومنه حَجْرُ القاضي على الصغير والسفيه إِذا منعهما من التصرف في مالها.

  أَبو زيد في قوله وحَرْثٌ حِجْرٌ حرامٌ ويقولون حِجْراً حراماً، قال: والحاء في الحرفين بالضمة والكسرة لغتان.

  وحَجْرُ الإِنسان وحِجْرُه، بالفتح والكسر: حِضْنُه.

  وفي سورة النساء: في حُجُوركم من نسائكم؛ واحدها حَجْرٌ، بفتح الحاء.

  يقال: حَجْرُ المرأَة وحِجْرُها حِضْنُها، والجمع الحُجُورُ.

  وفي حديث عائشة، ^: هي اليتيمة تكون في حَجْر وَلِيِّها، ويجوز من حِجْرِ الثوب وهو طرفه المتقدم لأَن الإِنسان يرى ولده في حِجْرِه؛ والوليُّ: القائم بأَمر اليتيم.

  والحجر، بالفتح والكسر: الثوب والحِضْنُ، والمصدر بالفتح لا غير.

  ابن سيده: الحَجْرُ المنع، حَجَرَ عليه يَحْجُرُ حَجْراً وحُجْراً وحِجْراً وحُجْراناً وحِجْراناً مَنَعَ منه.

  ولا حُجْرَ عنه أَي لا دَفْعَ ولا مَنْعَ.

  والعرب تقول عند الأَمر تنكره: حُجْراً له، بالضم، أَي دفعاً، وهو استعارة من الأَمر؛ ومنه قول الراجز:

  قالتْ وفيها حَيْدَةٌ وذُعْرُ: ... عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمُ وحُجْرُ