[فصل الباء الموحدة]
  والأَصل في رجوعه هذا الحديث.
  قال الأَزهري: وبَبَّانُ كأَنها لغة يمَانِيةٌ.
  وفي رواية عن عمر، ¥: لولا أَن أَتْرُكَ آخِرَ الناسِ بَبَّاناً واحداً ما فُتِحَتْ عليَّ قَريةٌ إلا قَسَمْتُها أَي أَتركهم شيئاً واحداً، لأنه إذا قَسَمَ البِلادَ المفتوحة على الغانِمين بقي من لم يَحْضُرِ الغَنِيمةَ ومَن يَجِيءُ بَعْدُ من المسلمين بغير شيءٍ منها، فلذلك ترَكَها لتكون بينهم جَمِيعهم.
  وحكى ثعلب: الناسُ بَبَّانٌ واحِد لا رأْسَ لهم.
  قال أَبو علي: هذا فَعَّالٌ من باب كَوْكَبٍ، ولا يكون فَعْلانَ، لأَن الثلاثة لا تكون من موضع واحد.
  قال: وبَبَّةُ يَرُدُّ قول أَبي علي.
  بوب: البَوْباةُ: الفَلاةُ، عن ابن جني، وهي المَوْماةُ.
  وقال أَبو حنيفة: البَوْباةُ عَقَبةٌ كَؤُودٌ على طريقِ مَنْ أَنْجَدَ من حاجِّ اليَمَن، والبابُ معروف، والفِعْلُ منه التّبْوِيبُ، والجمعُ أَبْوابٌ وبِيبانٌ.
  فأَما قولُ القُلاخِ بن حُبابةَ، وقيل لابن مُقْبِل:
  هَتَّاكِ أَحْبِيةٍ، وَلَّاجِ أَبْوِبةٍ ... يَخْلِطُ بالبِرِّ منه الجِدَّ واللِّينا(١)
  فإنما قال أَبْوِبةٍ للازدواج لمكان أَخْبِيةٍ.
  قال: ولو أَفرده لم يجز.
  وزعم ابن الأَعرابي واللحياني أَنَّ أَبْوِبةً جمع باب من غير أَن يكون إِتباعاً، وهذا نادر، لأَن باياً فَعَلٌ، وفَعَلٌ لا يكسّر على أَفْعِلةٍ.
  وقد كان الوزيرُ ابن المَغْربِي يَسْأَلُ عن هذه اللفظة على سبيلِ الامْتِحان، فيقول: هل تعرف لَفظَةً تُجْمع على أَفْعِلةٍ على غير قياس جَمْعِها المشهور طَلَباً للازدواج.
  يعني هذه اللفظةَ، وهي أَبْوِبةٌ.
  قال: وهذا في صناعةِ الشعر ضَرْبٌ من البَدِيع يسمى التَّرْصِيعَ.
  قال: ومما يُسْتَحْسَنُ منه قولُ أَبي صَخْرٍ الهُذلِي في صِفَة مَحْبُوبَتِه:
  عَذْبٌ مُقَبَّلُها، خَدْل مُخَلْخَلُها ... كالدِّعْصِ أَسْفَلُها، مَخْصُورة القَدَمِ
  سُودٌ ذَوائبُها، بِيض تَرائبُها ... مَحْض ضَرائبُها، صِيغَتْ على الكَرَمِ
  عَبْلٌ مُقَيَّدُها، حالٍ مُقَلَّدُها ... بَضّ مُجَرَّدُها، لَفَّاءُ في عَمَمِ
  سَمْحٌ خَلائقُها، دُرْم مَرافِقُها ... يَرْوَى مُعانِقُها من بارِدٍ شَبِمِ
  واسْتَعار سُوَيْد بن كراع الأَبْوابَ للقوافِي فقال:
  أَبِيتُ بأَبْوابِ القَوافِي، كأَنَّما ... أَذُودُ بها سِرْباً، مِنَ الوَحْشِ، نُزَّعا
  والبَوَّابُ: الحاجِبُ، ولو اشْتُقَّ منه فِعْلٌ على فِعالةٍ لقيل بِوابةٌ باظهار الواو، ولا تُقْلَبُ ياءً، لأَنه ليس بمصدر مَحْضٍ، إنما هو اسم.
  قال: وأَهلُ البصرة في أَسْواقِهم يُسَمُّون السَّاقِي الذي يَطُوف عليهم بالماءِ بَيَّاباً.
  ورجلٌ بَوّابٌ: لازم للْباب، وحِرْفَتُه البِوابةُ.
  وبابَ للسلطان يَبُوبُ: صار له بَوَّاباً.
  وتَبَوَّبَ بَوَّاباً: اتخذه.
  وقال بِشْرُ بن أبي خازم:
  فَمَنْ يَكُ سائلاً عن بَيْتِ بِشْرٍ ... فإنَّ له، بجَنْبِ الرَّدْه، بابا
(١) قوله [هتاك الخ] ضبط بالجر في نسخة من المحكم وبالرفع في التكملة وقال فيها والقافية مضمومة والرواية:
ملء الثوابة فيه الجدّ واللين