لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الذال المعجمة]

صفحة 304 - الجزء 4

  وفي حديث عائشة: طَيَّبْتُ رسول الله، ، لإِحرامه بذَرِيرَةٍ؛ قال: هو نوع من الطيب مجموع من أَخلاط.

  وفي حديث النخعي: يُنْثَرُ على قميص الميت الذَّرِيرَةُ؛ قيل: هي فُتاتُ قَصَب مَّا كان لنُشَّابٍ وغيره؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في كتاب أَبي موسى.

  والذَّرُورُ، بالفتح: ما يُذَرُّ في العين وعلى القَرْحِ من دواء يابس.

  وفي الحديث: تَكْتَحِلُ المُحِدُّ بالذَّرُورِ؛ يقال: ذَرَرْتُ عينَه إِذا داويتها به.

  وذَرَّ عينه بالذَّرُورِ يَذُرُّها ذَرّاً: كَحَلَها.

  والذَّرُّ: صِغارُ النَّمل، واحدته ذَرَّةٌ؛ قال ثعلب: إِن مائة منها وزن حبة من شعير فكأَنها جزء من مائة، وقيل: الذَّرَّةُ ليس لها وزن، ويراد بها ما يُرَى في شعاع الشمس الداخلِ في النافذة؛ ومنه سمي الرجل ذَرّاً وكني بأَبي ذَرٍّ.

  وفي حديث جُبير بن مُطْعِم: رأَيت يوم حنين شيئاً أَسود ينزل من السماء فوقع إِلى الأَرض فَدَبَّ مثل الذَّرِّ وهزم الله المشركين؛ الذَّرُّ: النمل الأَحمر الصغير، واحدتها ذَرَّةٌ.

  وفي حديث ابن عباس: أَن النبي، ، نهى عن قتل النحلة والنملة والصُّرَدِ والهُدْهُدِ؛ قال إِبراهيم الحَرْبِيُّ: إِنما نهى عن قتلهن لأَنهن لا يؤذين الناس، وهي أَقل الطيور والدواب ضرراً على الناس مما يتأَذى الناس به من الطيور كالغراب وغيره؛ قيل له: فالنملة إِذا عضت تقتل؛ قال: النملة لا تَعَضُّ إِنما يَعَضُّ الذَّرُّ؛ قيل له: إِذا عَضَّت الذَّرَّةُ تقتل؛ قال: إِذا آذتك فاقتلها.

  قال: والنملة هي التي لها قوائم تكون في البراري والخَرِبات، وهذه التي يتأَذَّى الناس بها هي الذَّرُّ.

  وذَرَّ الله الخلقَ في الأَرض: نَشَرَهُم والذُّرِّيَّةُ فُعْلِيَّةٌ منه، وهي منسوبة إِلى الذَّرِّ الذي هو النمل الصغار، وكان قياسه ذَرِّيَّةٌ، بفتح الذال، لكنه نَسَبٌ شاذ لم يجئ إِلَّا مضموم الأَول.

  وقوله تعالى: وإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ من بني آدم من ظهورهم ذُرِّيَّاتِهم؛ وذُرِّيَّةُ الرجل: وَلَدُه، والجمع الذَّرَارِي والذُّرِّيَّاتُ.

  وفي التنزيل العزيز: ذُرِّيَّةً بعضُها من بعض؛ قال: أَجمع القرّاء على ترك الهمز في الذرّية، وقال يونس: أَهل مكة يخالفون غيرهم من العرب فيهمزون النبيَّ والبَرِيَّةَ والذُّرِّية من ذَرَأَ الله الخلقَ أَي خلقهم.

  وقال أَبو إِسحق النحوي: الذُّرِّيَّةُ غير مهموز، قال: ومعنى قوله: وإِذ أَخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذُرِّيَّاتهم؛ أَن الله أَخرج الخلق من صلب آدم كالذَّرِّ حين أَشهدهم على أَنفسهم: أَلَسْتُ بربكم؟ قالوا: بَلى، شهدوا بذلك؛ وقال بعض النحويين: أَصلها ذُرُّورَةٌ، هي فُعْلُولَةٌ، ولكن التضعيف لما كثر أُبدل من الراء الأَخيرة ياء فصارت ذُرُّويَة، ثم أُدغمت الواو في الياء فصارت ذُرِّيَّة، قال: وقول من قال إِنه فُعْلِيَّة أَقيس وأَجود عند النحويين.

  وقال الليث: ذُرِّيَّة فُعْلِيَّة، كما قالوا سُرِّيَّةٌ، والأَصل من السِّر وهو النكاح.

  وفي الحديث: أَنه رأَى امرأَة مقتولة فقال: ما كانت هذه تُقاتِلُ، الحَقْ خالداً فقل له: لا تَقْتُلْ ذُرِّيَّةً ولا عَسِيفاً؛ الذرية: اسم يجمع نسل الإِنسان من ذكر وأُنثى، وأَصلها الهمز لكنهم حذفوه فلم يستعملوها إِلا غير مهموزة، وقيل: أَصلها من الذَّرِّ بمعنى التفريق لأَن الله تعالى ذَرَّهُمْ في الأَرض، والمراد بها في هذا الحديث النساء لأَجل المرأَة المقتولة؛ ومنه حديث عمر: حُجُّوا بالذُّرِّية لا تأْكلوا أَرزاقها وتَذَرُوا أَرْباقَها في أَعْناقِها أَي حُجُّوا بالنساء؛ وضرب الأَرْباقَ، وهي القلائد، مثلاً لما قُلِّدَتْ أَعناقُها من وجوب الحج، وقيل: كنى بها عن الأَوْزارِ.