لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل السين المهملة]

صفحة 340 - الجزء 4

  قالوا دَرَّاك مِنْ أَدْرَكْتُ وجَبَّار من أَجْبَرْتُ؛ قال ذو الرمة:

  صَدَرْنَ بما أَسْأَرْتُ مِنْ ماءٍ مُقْفِرٍ ... صَرًى لَيْس مِنْ أَعْطانِه، غَيْرَ حائِل

  يعني قَطاً وردت بقية ما أَسأَره في الحوض فشربت منه.

  الليث: يقال أَسأَر فلان من طعامه وشرابه سُؤْراً وذلك إِذا أَبقى بقيَّة؛ قال: وبَقِيَّة كل شيء سُؤْرُه.

  ويقال للمرأَة التي قد جاوزت عُنْفُوان شبابها وفيها بقية: إِنَّ فيها لَسُؤْرةً؛ ومنه قول حميد ابن ثور:

  إِزاءَ مَعاشٍ ما يُحَلُّ إِزارُها ... من الكَيْسِ، فيها سُؤْرَةٌ، وهي قاعدُ

  أَراد بقوله وهي قاعد قُعودها عن الحيض لأَنها أَسَنَّتْ.

  وتَسَأَّر النبيذَ: شَرِبَ سُؤْرَه وبقاياه؛ عن اللحياني: وأَسْأَر مِنْ حِسابِه: أَفْضَلَ.

  وفيه سُؤْرَة أَي بقية شباب؛ وقد روي بيت الهلالي:

  إِزاءَ مَعاشٍ لا يَزَالُ نِطاقُها ... شَديداً، وفيها سُؤْرَةٌ، وهي قاعِد⁣(⁣١)

  التهذيب: وأَما قوله: [وسائِرُ الناسِ هَمَج] فإِن أَهل اللغة اتفقوا على أَن معنى سائر في أَمْثال هذا الموضع بمعنى الباقي، من قولك: أَسْأَرْتُ سُؤْراً وسُؤْرَة إِذا أَفْضَلْتَها وأَبقيتها.

  والسَّائِرُ: الباقي، وكأَنه من سَأَرَ يَسْأَرُ فَهُوَ سائِر.

  قال ابن الأَعرابي فيما رَوَى عنه أَبو العباس: يقال سَأَر وأَسْأَرَ إِذا أَفْضَلَ، فهو سائِر؛ جعل سَأَرَ وأَسْأَرَ واقعين ثم قال وهو سائر.

  قال: قال فلا أَدري أَراد بالسَّائِرِ المُسْئِر.

  وفي الحديث: فَضْلُ عائشة على النساء كفَضْلِ الثَّريد على سائر الطعام؛ أَي باقيه؛ والسائر، مهموز: الباقي؛ قال ابن الأَثير: والناس يستعملونه في معنى الجميع وليس بصحيح؛ وتكررت هذه اللفظة في الحديث وكله بمعنى باقي الشيء، والباقي: الفاضِلُ.

  ومن همز السُّؤْرَة من سُوَرِ القرآن جعلها بمعنى بقيَّة من القرآن وقطْعَة.

  والسُّؤْرَةُ من المال: جَيِّدُه، وجمعه سُؤَر.

  والسورةُ من القرآن: يجوز أَن تكون من سُؤْرة المال، تُرِكَ هَمْزُه لما كثر في الكلام.

  سبر: السَّبْرُ: التَّجْرِبَةُ.

  وسَبَر الشيءَ سَبْراً: حَزَره وخَبَره.

  واسْبُرْ لي ما عنده أَي اعْلَمْه.

  والسَّبْر: اسْتِخْراجُ كُنْه الأَمر.

  والسَّبْر: مَصْدَرُ سَبَرَ الجُرْحَ يَسْبُرُه ويَسْبِرُه سَبْراً نَظَر مِقْدارَه وقاسَه لِيَعْرِفَ غَوْرَه، ومَسْبُرَتُه: نِهايَتُه.

  وفي حديث الغار: قال له أَبو بكر: لا تَدْخُلْه حتى أَسْبِرَه قَبْلَك أَي أَخْتَبِرَه وأَغْتَبِرَه وأَنظرَ هل فيه أَحد أَو شيء يؤذي.

  والمِسْبارُ والسِّبارُ: ما سُبِرَ به وقُدَّرَ به غَوْرُ الجراحات؛ قال يَصِفُ جُرْحَها:

  تَرُدُّ السِّبارَ على السَّابِرِ

  التهذيب: والسِّبارُ فَتِيلة تُجْعَلُ في الجُرْح؛ وأَنشد:

  تَرُدُّ على السَابرِيِّ السِّبارا

  وكل أَمرٍ رُزْتَه، فَقَدْ سَبَرْتَه وأَسْبَرْتَه.

  يقال: حَمِدْتُ مَسْبَرَه ومَخْبَره.

  والسِّبْرُ والسَّبْرُ: الأَصلُ واللَّوْنُ والهَيْئَةُ والمَنْظَرُ.

  قال أَبو زياد الكلابي: وقفت على رجل من أَهل البادية بعد مُنْصَرَفِي من العراق فقال: أَمَّا اللسانُ فَبَدَوِيُّ، وأَما السِّبْرُ فَحَضَرِيُّ؛ قال: السِّبْر، بالكسر، الزِّيُّ والهيئةُ.

  قال: وقالت بَدَوِيَّةٌ أَعْجَبَنا سِبْر فلان أَي حُسْنُ حاله وخِصْبُه في بَدَنه، وقالت: رأَيته سَيِّءَ السِّبْر إِذا كان


(١) هذه رواية أخرى للبيت الذي قبله لأَن الشاعر واحد وهو حميد ابن ثور الهلالي.