لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الصاد المهملة]

صفحة 449 - الجزء 4

  أَبو عبيد: صَدَرْتُ عن البِلاد وعن الماء صَدَراً، وهو الاسم، فإِذا أَردت المصدر جزمت الدال؛ وأَنشد لابن مقبل:

  وليلةٍ قد جعلتُ الصبحَ مَوْعِدَها ... صَدْرَ المطِيَّة حتء تعرف السَّدَفا

  قال ابن سيده: وهذا منه عِيٌّ واختلاط، وقد وَضَعَ منه بهذه المقالة في خطبة كتابِه المحكَم فقال: وهل أَوحَشُ من هذه العبارة أَو أَفحشُ من هذه الإِشارة؟ الجوهري: الصَّدْرُ، بالتسكين، المصدر، وقوله صَدْرَ المطِيَّة مصدر من قولك صَدَرَ يَصْدُرُ صَدْراً.

  قال ابن بري: الذي رواه أَبو عمرو الشيباني السَّدَف، قال: وهو الصحيح، وغيره يرويه السُّدَف جمع سُدْفَة، قال: والمشهور في شعر ابن مقبل ما رواه أَبو عمرو، والله أَعلم.

  والصَّدَر: اليوم الرابع من أَيام النحر لأَن الناس يَصْدُرون فيه عن مكة إِلى أَماكنهم.

  وتركته على مِثْل ليلة الصَّدَر أَي لا شيء له.

  والصَّدَر: اسم لجمع صادر؛ قال أَبو ذؤيب:

  بِأَطْيَبَ منها، إِذا مال النُّجُومُ ... أَعْتَقْنَ مثلَ هَوَادِي الصَّدَرْ

  والأَصْدَرَانِ: عِرْقان يضربان تحت الصُّدْغَيْنِ، لا يفرد لهما واحد.

  وجاء يضرِب أَصْدَرَيْه إِذا جاء فارِغاً، يعنى عِطْفَيْه، ويُرْوَى أَسْدَرَيْه، بالسين، وروى أَبو حاتم: جاء فلان يضرب أَصْدَرِيْه وأَزْدَرَيه أَي جاء فارغاً، قال: ولم يدر ما أَصله؛ قال أَبو حاتم: قال بعضهم أَصْدَراه وأَزْدَراه وأَصْدغاه ولم يعرِف شيئاً منهنَّ.

  وفي حديث الحسَن: يضرب أَصْدَرَيْه أَي منكِبيه، ويروى بالزاي والسين.

  وقوله تعالى: يَصْدُرَ الرِّعاء؛ أَي يرجعوا من سَقْيِهم، ومن قرأَ يُصْدِرَ أَراد يردّون.

  مواشِيَهُمْ.

  وقوله ø: يومئذٍ يَصْدُرُ الناس أَشتاتاً؛ أَي يرجعون.

  يقال: صَدَرَ القوم عن المكان أَي رَجَعُوا عنه، وصَدَرُوا إِلى المكان صاروا إِليه؛ قال: قال ذلك ابن عرفة.

  والوارِدُ: الجائِي، والصَّادِرُ: المنصرف.

  التهذيب: قال الليث: المَصْدَرُ أَصل الكلمة التي تَصْدُرُ عنها صَوادِرُ الأَفعال، وتفسيره أَن المصادر كانت أَول الكلام، كقولك الذّهاب والسَّمْع والحِفْظ، وإِنما صَدَرَتِ الأَفعال عنها، فيقال: ذهب ذهاباً وسمِع سَمْعاً وسَمَاعاً وحَفِظ حِفْظاً؛ قال ابن كيسان: أَعلم أَن المصدر المنصوب بالفعل الذي اشتُقَّ منه مفعولٌ وهو توكيد للفعل، وذلك نحو قمت قِياماً وضربته ضَرْباً إِنما كررته⁣(⁣١).

  وفي قمتُ دليلٌ لتوكيد خبرك على أَحد وجهين: أَحدهما أَنك خِفْت أَن يكون من تُخاطِبه لم يَفهم عنك أَوَّلَ كلامك، غير أَنه علم أَنك قلت فعلت فعلاً، فقلتَ فعلتُ فِعلاً لتردِّد اللفظ الذي بدأْت به مكرَّراً عليه ليكون أَثبت عنده من سماعه مرَّة واحدة، والوجه الآخر أَن تكون أَردت أَن تؤكد خَبَرَكَ عند مَنْ تخاطبه بأَنك لم تقل قمتُ وأَنت تريد غير ذلك، فردَّدته لتوكيد أَنك قلتَه على حقيقته، قال: فإِذا وصفته بصفة لو عرَّفتْه دنا من المفعول به لأَن فعلته نوعاً من أَنواع مختلفة خصصته بالتعريف، كقولك قلت قولاً حسناً وقمت القيام الذي وَعَدْتك.

  وصادِرٌ: موضع؛ وكذلك بُرْقَةُ صادر؛ قال النابغة:

  لقدْ قلتُ للنُّعمان، حِينَ لَقِيتُه ... يُريدُ بَنِي حُنٍّ بِبُرْقَةِ صادِرِ


(١) قوله: [إِنما كررته إِلى قوله وصادر موضع] هكذا في الأَصل.