لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الصاد المهملة]

صفحة 459 - الجزء 4

  حمراء، وكذلك قول الأَنصاري: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب، ومنه الحديث: أَتتكم الدُّهَيْماءُ؛ يعني الفتنة المظلمة فصغَّرها تهويلاً لها، ومنها أَن يصغُر الشيء في ذاته كقولهم: دُوَيْرَة وجُحَيْرَة، ومنها ما يجيء للتحقير في غير المخاطب، وليس له نقص في ذاته، كقولهم: هلك القوم إِلا أَهلَ بُيَيْتٍ، وذهبت الدراهم إِلا دُرَيْهِماً، ومنها ما يجيء للذم كقولهم: يا فُوَيْسِقُ، ومنها ما يجيء للعَطْف والشفقة نحو: يا بُنَيَّ ويا أُخَيَّ؛ ومنه قول عمر: أَخاف على هذا السبب⁣(⁣١).

  وهو صُدَيِّقِي أَي أَخصُّ أَصدقائي، ومنها ما يجيء بمعنى التقريب كقولهم: دُوَيْنَ الحائط وقُبَيْلَ الصبح، ومنها ما يجيء للمدح، من ذلك قول عمر لعبد الله: كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً.

  وفي حديث عمرو بن دينار قال: قلت لِعُرْوَةَ: كَمْ لَبِثَ رسول الله، ، بمكة؟ قال: عشراً، قلت: فابن عباس يقول بِضْعَ عشرةَ سنةً، قال عروة: فصغَّره أَي استصغر سنَّه عن ضبط ذلك، وفي رواية: فَغَفَّرَه أَي قال غفر الله له، وسنذكره في غفر أَيضاً.

  والإِصغار من الحنين: خلاف الإِكبار؛ قالت الخنساء:

  فما عَجُولٌ على بَوٍّ تُطِيفُ بِه ... لها حَنينانِ: إِصْغارٌ وإِكْبارُ

  فَإِصْغارُها: حَنِينها إِذا خَفَضته، وإِكْبارُها: جَنِينها إِذا رَفَعته، والمعنى لها حَنِينٌ ذو صغار وحَنِينٌ ذُو كبار.

  وأَرضٌ مُصْغِرَة: نَبْتها صغير لم يَطُل.

  وفلان صِغْرَة أَبَوَيْه وصِغْرَةُ ولَد أَبويه أَي أَصْغَرهُمْ، وهو كِبْرَة وَلَدِ أَبيه أَي أَكبرهم؛ وكذلك فلان صِغْرَةُ القوم وكِبْرَتُهم أَي أَصغرُهم وأَكبرهم.

  ويقول صبيٌّ من صبيان العرَب إِذ نُهِيَ عن اللَّعِب: أَنا من الصِّغْرَة أَي من الصِّغار.

  وحكى ابن الأَعرابي: ما صَغَرَني إِلا بسنة أَي ما صَغُرَ عَنِّي إِلا بسنة.

  والصَّغار، بالفتح: الذل والضَّيْمُ، وكذلك الصُّغْرُ، بالضم، والمصدر الصَّغَرُ، بالتحريك.

  يقال: قُمْ على صُغْرِك وصَغَرِك.

  الليث: يقال صَغِرَ فلان يَصْغَرُ صَغَراً وصَغاراً، فهو صاغِر إِذا رَضِيَ بالضَّيْم وأَقَرَّ بِه.

  قال الله تعالى: حتى يُعْطُوا الجزْية عن يَدٍ وهُمْ صاغِرون؛ أَي أَذِلَّاءُ.

  والمَصْغُوراء: الصَّغار.

  وقوله ø: سَيُصِيب الذين أَجْرَمُوا صَغار عند الله؛ أَي هُمْ، وإِن كانوا أَكابر في الدنيا، فسيصيبهم صَغار عند الله أَي مَذَلَّة.

  وقال الشافعي، |، في قوله ø: عن يَدٍ وهُمْ صاغِرُون؛ أَي يجري عليهم حُكْمُ المسلمين.

  والصَّغار: مصدر الصَّغِير في القَدْر.

  والصَّاغِرُ: الراضي بالذُّلِّ والضيْمِ، والجمع صَغَرة.

  وقد صَغُرَ⁣(⁣٢).

  صَغَراً وصُغْراً وصَغاراً وصَغارَة وأَصْغَرَه: جعله صاغِراً.

  وتَصاغَرَتْ إِليه نفسُه: صَغُرت وتَحاقَرَتْ ذُلاً ومَهانَة.

  وفي الحديث: إِذا قلتَ ذلك تَصاغَرَ حتى يكون مثلَ الذُّباب؛ يعني الشيطان، أَي ذَلَّ وامَّحَقَ؛ قال ابن الأَثير: ويجوز أَن يكون من الصِّغَر والصَّغارِ، وهو الذل والهوان.

  وفي حديث عليّ يصف أَبا بكر، ®: بِرَغْمِ المُنافِقين وصَغَر الحاسِدين أَي ذُلِّهِم وهَوانِهم.

  وفي حديثِ المُحْرِم: يقتل الحيَّة بصَغَرٍ لَها.

  وصَغُرَتِ الشمسُ: مالَتْ للغروب؛ عن ثعلب.

  وصَغْران: موضع.


(١) قوله: [هذا السبب] هكذا في الأَصل من غير نقط.

(٢) قوله: [وقد صغر إلخ] من باب كرم كما في القاموس ومن باب فرح أَيضاً كما في المصباح كما أَنه منهما بمعنى ضد العظم.