[فصل الجيم]
  إعمال الأَول لكان حَرًى أَن يُعْمِلَ الثاني أَيضاً، فيقول: فما زادت تَجارِبُهم إياه، أَبا قُدامةَ، إلا كذا.
  كما تقول ضَرَبْتُ، فأَوْجَعْته زيداً، ويَضْعُفُ ضَرَبْتُ فأَوجَعْتُ زيداً على إعمال الأَول، وذلك أَنك إذا كنت تُعْمِلُ الأَوَّل، على بُعْدِه، وَجَبَ إعمال الثاني أَيضاً لقُرْبه، لأَنه لا يكون الأَبعدُ أَقوى حالاً من الأَقرب؛ فإن قلت: أَكْتَفِي بمفعول العامل الأَول من مفعول العامل الثاني، قيل لك: فإذا كنت مُكْتَفِياً مُخْتَصِراً فاكتِفاؤُك بإِعمال الثاني الأَقرب أَولى من اكتِفائك بإعمال الأَوّل الأَبعد، وليس لك في هذا ما لَكَ في الفاعل، لأَنك تقول لا أُضْمِر على غَير تقدَمِ ذكرٍ إلا مُسْتَكْرَهاً، فتُعْمِل الأَوّل، فتقول: قامَ وقَعدا أَخواكَ.
  فأما المفعول فمنه بُدٌّ، فلا ينبغي أَن يُتباعَد بالعمل إليه، ويُترك ما هو أَقربُ إلى المعمول فيه منه.
  ورجل مُجَرَّب: قد بُليَ ما عنده.
  ومُجَرِّبٌ: قد عَرفَ الأُمورَ وجَرَّبها؛ فهو بالفتح، مُضَرَّس قد جَرَّبتْه الأُمورُ وأَحْكَمَتْه، والمُجَرَّبُ، مثل المُجَرَّس والمُضَرَّسُ، الذي قد جَرَّسَتْه الأُمور وأَحكمته، فإن كسرت الراءَ جعلته فاعلاً، إلا أَن العرب تكلمت به بالفتح.
  التهذيب: المُجَرَّب: الذي قد جُرِّبَ في الأُمور وعُرِفَ ما عنده.
  أَبو زيد: من أَمثالهم: أَنت على المُجَرَّب؛ قالته امرأَة لرجُل سأَلَها بعدما قَعَدَ بين رِجْلَيْها: أَعذْراءٍ أَنتِ أَم ثَيِّبٌ؟ قالت له: أَنت على المُجَرَّبِ؛ يقال عند جَوابِ السائل عما أَشْفَى على عِلْمِه.
  ودَراهِمُ مُجَرَّبةٌ: مَوْزُونةٌ، عن كراع.
  وقالت عَجُوز في رجل كان بينَها وبينه خُصومةٌ، فبلَغها مَوْتُه:
  سَأَجْعَلُ للموتِ، الذي التَفَّ رُوحَه ... وأَصْبَحَ في لَحْدٍ، بجُدَّة، ثَاوِيا:
  ثَلاثِينَ دِيناراً وسِتِّينَ دِرْهَماً ... مُجَرَّبةً، نَقْداً، ثِقالاً، صَوافِيا
  والجَرَبَّةُ، بالفتح وتشديد الباء: جَماعة الحُمُر، وقيل: هي الغِلاظُ الشِّداد منها.
  وقد يقال للأَقْوِياء من الناس إذا كانوا جَماعةً مُتساوِينَ: جَرَبَّةٌ، قال:
  جَرَبَّةٌ كَحُمُرِ الأَبَكِّ ... لا ضَرَعٌ فينا، ولا مُذَكِّي
  يقول نحن جماعة مُتساوُون وليس فينا صغير ولا مُسِنٌّ.
  والأَبَكُّ: موضع.
  والجَرَبَّةُ، من أَهْلِ الحاجةِ، يكونون مُسْتَوِينَ.
  ابن بُزُرْج: الجَرَبَّةُ: الصَلامةُ من الرجال، الذين لا سَعْيَ لهم(١)، وهم مع أُمهم؛ قال الطرماح:
  وحَيٍّ كِرامٍ، قد هَنأْنا، جَرَبَّةٍ ... ومَرَّتْ بهم نَعْماؤُنا بالأَيامِنِ
  قال: جَرَبَّةٌ صِغارهُم وكِبارُهم.
  يقول عَمَّمْناهم، ولم نَخُصَّ كِبارَهم دون صِغارِهم.
  أَبو عمرو: الجَرَبُّ من الرِّجال القَصِيرُ الخَبُّ، وأَنشد:
  إنَّكَ قد زَوَّجْتَها جَرَبَّا ... تَحْسِبُه، وهو مُخَنْذٍ، ضَبَّا
  وعيالٌ جَرَبَّةٌ: يأَكُلُون أَكلاً شديداً ولا يَنْفَعُون.
  والجَرَبَّةُ والجَرَنْبة: الكَثيرُ.
  يقال: عليه عِيالٌ جَرَبَّةٌ، مثَّل به سيبويه وفسره السِّيرافي، وإنما قالوا جَرَنْبة كَراهِية التَّضعِيف.
  والجِرْبِياءُ،
(١) قوله [لا سعي لهم] في نسخة التهذيب لا نساء لهم.