لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهاء]

صفحة 260 - الجزء 5

  ابن الأَثير: وفي حديث سلمان، ¥: مَلْغاةُ أَوّلِ الليلِ مَهْذَرَةٌ لآخره، قال: هكذا جاء في رواية وهو من الهَذْر السُّكونِ، قال: والرواية بالنون.

  وفي حديث أَبي هريرة، ¥: ما شَبِعَ رسول الله، ، من الكِسَرِ اليابسة حتى فارق الدنيا، وقد أَصبحتم تَهْذِرُونَ الدنيا أَي تتوسعون فيها؛ قال الخطابي: يريد تَبْذِيرَ المال وتفريقَه في كل وَجْه، قال: ويروى وتَهُذُّون، وهو أَشبه بالصواب، يعني تقتطعونها إِلى أَنفسكم وتجمعونها أَو تُسْرِعُون إِنفاقها.

  هذخر: الأَزهري: أُهملت الهاء مع الخاء في الرباعي فلم أَجد فيه شيئاً غير حرف واحد وهو التَّهَذْخُرُ؛ أَنشد بعض اللغويين:

  لكلِّ مَوْلًى طَيْلَسانٌ أَخْضَرُ ... وكامَخٌ وكَعَكٌ مُدَوَّرُ،

  وطِفْلَةٌ في بَيْتِه تهْذَخَرُ

  أَي تَبَخْتَرُ، ويقال: تقوم له بأَمر بيته.

  هرر: هَرَّ الشيءَ يَهُرُّه ويَهِرُّه هَرّاً وهَريراً: كَرِهَه؛ قال المفضل بن المهلب بن أَبي صُفْرَةَ:

  ومَنْ هَرَّ أَطْرافَ القَنَا خَشْيَةَ الرَّدَى ... فليسَ لمَجْدٍ صالحٍ بِكَسُوبِ

  وهَرَرْتُه أَي كَرِهْتُه أَهُرُّه وأَهِرُّه، بالضم والكسر.

  وقال ابن الأَعرابي: أَجِد في وَجْهِه هِرَّةً وهَرِيرَةً أَي كراهية.

  الجوهري: والهِرُّ الاسم من وقولك هَرَرْتُه هَرّاً أَي كرهته.

  وهَرَّ فلان الكأْسَ والحرْبَ هَرِيراً أَي كرهها؛ قال عنترة:

  حَلَفْنا لهم، والخَيْلُ تَرْدي بنا معاً ... نُزايِلُكُمْ حتى تَهِرُّوا العَوالِيا

  الرَّدَيانُ: ضَرْبٌ من السَّيْرِ، وهو أَن يَرْجُمَ الفَرَسُ الأَرضَ رَجْماً بحوافره من شدَّة العَدْوِ.

  وقوله نزايلكم هو جواب القسم أَي لا نزايلكم، فحذف لا على حدِّ قولهم تالله أَبْرَحُ قاعداً أَي لا أَبرح، ونزايلكم: نُبارِحُكُمْ، يقال: ما زايلته أَي ما بارحته.

  والعوالي: جمع عاليةِ الرمح، وهي ما دون السِّنان بقدر ذراع.

  وفلان هَرَّه الناسُ إِذا كرهوا ناحِيته؛ قال الأَعشى:

  أَرَى الناسَ هَرُّونِي وشُهِّرَ مَدْخَلِي ... ففي كلِّ مَمْشًى أَرْصُدُ الناسَ عَقْربَا

  وهَرَّ الكلبُ إِليه يَهِرُّ هَرِيراً وهِرَّةً، وهَرِيرُ الكلبِ: صوته وهو دون النُّبَاحِ من قلة صبره على البرد؛ قال القَطَامِيُّ يصف شدَّة البرد:

  أَرى الحَقَّ لا يعْيا عَلَيَّ سبيلُه ... إِذا ضافَنِي ليلًا مع القُرِّ ضائِفُ

  إِذا كَبَّدَ النجمُ السَماءَ بشَتْوَةٍ ... على حينَ هَرَّ الكلبُ، والثَّلْجُ خاشِفُ

  ضائف: من الضيف.

  وكَبَّدَ النجمُ السماءَ: يريد بالنجم الثريا، وكَبَّدَ: صار في وسط السماء عند شدَّة البرد.

  وخاشف: تسمع له خَشْفَة عند المشي وذلك من شدة البرد.

  ابن سيده: وبالهَرِيرِ شُبِّه نَظَرُ بعض الكُماةِ إِلى بعض في الحرب.

  وفي الحديث: أَنه ذكر قارئ القرآن وصاحب الصدقة فقال رجل: يا رسول الله أَرأَيْتَكَ النَّجْدَةَ التي تكون في الرجل؟ فقال: ليستْ لها بِعِدْلٍ، إِن الكلب يَهِرُّ من وراءِ أَهله؛ معناه أَن الشجاعة غَرِيزة في الإِنسان فهو يَلقَى الحروبَ ويقاتل طبعاً وحَمِيَّةً لا حِسبَةً، فضرب الكلب مثلًا إِذ كان من طبعه أَن يَهِرَّ دون أَهله ويَذُبَّ عنهم، يريد أَنَّ الجهاد والشجاعة ليسا