لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الباء الموحدة]

صفحة 32 - الجزء 1

  أَبْرَأَ بَراءَةً، وبَرِئتُ اليْكَ مِنْ فلانٍ أَبْرَأُ بَرَاءَةً، فليسَ فيها غير هذه اللغَةِ.

  قال الأَزهَري: وقد رووا بَرَأَت مِنَ المَرَضِ أَبْرُؤُ بُرْءًا.

  قال: ولم نجِدْ فيما لامه هَمْزةٌ فَعَلْتُ أَفْعُلُ.

  قال: وقد استقصى العلماءُ باللغَةِ هذا، فلم يجدُوه إِلا في هذا الحرْف، ثم ذكرَ قرَأْتُ أَقْرُؤُ وهَنَأْتُ البعِيرَ أَهْنُؤُه.

  وقوله ø: بَراءَةٌ مِن اللَّه ورسوله، قال: في رَفعِ بَرَاءةٌ قولانِ: أَحدهُما على خَبرِ الابتداءِ، المعنى: هذه الآياتُ بَرَاءَةٌ مِن اللَّه ورسوله؛ والثاني بَرَاءَةٌ ابتداءٌ والخبرُ إِلى الذينَ عاهَدْتُمْ.

  قال: وكلا القَوْلَيَنِ حَسَنٌ.

  وأَبْرأْتُه مِمَّا لي عليْه وبَرَّأْتُه تَبْرِئةً، وبَرِئَ مِنَ الأَمْرِ يَبْرَأُ ويَبْرُؤُ، والأَخِير نادِرٌ، بَراءَةً وبَراءً، الأَخِيرة عن اللحياني؛ قالَ: وكذلِكَ في الدَّينِ والعُيوبِ بَرِئَ إِليكَ مِنْ حَقِّكَ بَراءَةً وبَراءً وبُروءاً وتبرُّؤاً، وأَبرَأَكَ مِنه وبَرَّأَكَ.

  وفي التنزيلِ العزيز: [فبرَّأَه اللَّه ممَّا قالوا].

  وأَنا بَرِيءٌ مِنْ ذلِكَ وبَراءٌ، والجمْعُ بِراءٌ، مثل كَرِيمٍ وكِرامٍ، وبُرَآءُ، مِثل فقِيه وفُقَهاء، وأَبراء، مثل شريفٍ وأَشرافٍ، وأَبرِياءُ، مثل نَصِيبٍ وأَنْصِباء، وبَرِيئون وبَراء.

  وقال الفارسي: البُراءُ جمعُ بَريء، وهو مِنْ بابِ رَخْلٍ ورُخالٍ.

  وحكى الفرَّاءُ في جَمْعِه: بُراء غير مصروفٍ على حذفِ إِحدى الهمزَتين.

  وقالَ اللحياني: أَهلُ الحجاز يقولون: أَنا مِنك بَراء.

  قال: وفي التنزيل العزيزِ: [إِنَّني بَراءٌ ممّا تَعْبُدون].

  وتَبَرَّأْتُ مِن كذا وأَنا بَراءٌ مِنه وخَلاءٌ، لا يُثَنَّى ولا يجمَع، لأَنه مصدَرٌ في الأَصْل، مِثل سَمِعَ سَمَاعاً، فإذا قلت: أَنا بَرِيءٌ مِنه وخَلِيُّ ثنَّيت وجَمَعْت وأَنَّثْت.

  ولغةُ تميمٍ وغيرهم مِن العَرَب: أَنا بَرِيءٌ.

  وفي غيرِ موضعٍ مِن القرآنِ: إِني بَرِيءٌ؛ والأُنثى بَريئَةٌ، ولا يُقال: بَرَاءَةٌ، وهُما بَريئتانِ، والجمعُ بَرِيئات، وحكى اللحياني: بَرِيَّاتٌ وبَرايا كخَطايا؛ وأَنا البرَاءُ مِنه، وكذلِكَ الاثنان والجمعُ والمؤَنث.

  وفي التنزيلِ العزيز [إِنني مما بَراءٌ تعبُدون].

  الأَزهري: والعَرَبُ تقول: نحنُ مِنكَ البَراءُ والخَلاءُ والواحِد والاثنان والجمْعُ مِنَ المذكَّر والمؤَنث يُقال: بَراءٌ لأَنه مصّدَر.

  ولو قال: بَرِيء، لقِيلَ في الاثنينِ: بَريئانِ، وفي الجمع: بَرِيئونَ وبَراءٌ.

  وقال أَبو إِسحق: المعنى في البَراءِ أَي ذو البَراءِ منكم، ونحنُ ذَوُو البَراءِ منكم.

  وزادَ الأَصمَعِي: نحنُ بُرَآء على فُعَلاء، وبِراء على فِعالٍ، وأَبْرِياء؛ وفي المؤَنث: إِنني بَرِيئةٌ وبَرِيئتانِ، وفي الجمْعِ بَرِيئاتٌ وبَرايا.

  الجوهري: رجلٌ بَرِيءٌ وبُراءٌ مثلُ عَجِيبٍ وعُجابٍ.

  وقال ابن بَرِّيٍّ: المعروفُ في بُراءٍ أَنه جمعٌ لا واحِدٌ، وعليه قولُ الشاعِر:

  رأَيتُ الحَرْبَ يَجنُبُها رِجالٌ ... ويَصْلى، حَرَّها، قَوْمٌ بُراءٌ

  قال ومثله لزُهير:

  اليْكُم إِنَّنا قَوْمٌ بُراءُ

  ونصّ ابن جني على كونِه جَمْعاً، فقال: يجمَعُ بَرِيءٌ على أَربَعَةٍ مِن الجُموع: بَرِيءٌ وبِراءٌ، مِثل ظَريفٍ وظِرافٍ، وبَرِيءٌ وبُرَآءُ، مثل شَرِيفٍ وشُرفاء، وبَرِيءٌ وأَبْرِياءُ، مِثل صَدِيقٍ وأَصدِقاء، وبَريءٌ وبُراءٌ، مثل ما جاءَ مِنَ الجُموعِ على فُعالٍ نحو تُؤَامٍ ورُباءٍ⁣(⁣١) في جمعِ تَوْأَم ورُبَّى.


(١) الصواب أن يقال في جمعها: رُبَاب بالباء في آخره وهو الذي ذكره المصنّف وصاحب القاموس وغيرهما في مادة رب ب أحمد تيمور.