[فصل الباء]
  وهو يُرِيغُ أَن يُغالبه، فإِذا ظَفِر بما حاوَلَه قيل: باعَ فلان على بَيْع فلان، ومثله: شَقَّ فلان غُبار فلان.
  وقال غيره: يقال باع فلان على بيعك أَي قام مَقامك في المنزلة والرِّفْعة؛ ويقال: ما باع على بيعك أَحد أَي لم يُساوِك أَحد؛ وتزوج يزيد بن معاوية، ¥، أُم مِسْكِين بنت عمرو على أُم هاشم(١) فقال لها:
  ما لَكِ أُمَّ هاشِمٍ تُبَكِّينْ؟ ... مِن قَدَرٍ حَلَّ بكم تَضِجِّينْ؟
  باعَتْ على بَيْعِك أُمُ مِسْكِينْ ... مَيْمُونةً من نِسْوةٍ ميامِينْ
  وفي الحديث: نَهَى عن بَيْعَتَيْن في بَيْعةٍ، وهو أَن يقول: بِعْتُك هذا الثوب نَقْداً بعشرة، ونَسِيئة بخمسة عشر، فلا يجوز لأَنه لا يَدْرِي أَيُّهما الثمن الذي يَختارُه ليَقَع عليه العَقْد، ومن صُوَره أَن تقول: بِعْتُك هذا بعشرين على أَن تَبِيعَني ثوبك بعشرة فلا يصح للشرط الذي فيه ولأَنه يَسْقُط بسُقوطه بعضُ الثمن فيصير الباقي مجهولاً، وقد نُهِي عن بيع وشرْط وبيع وسَلَف، وهما هذانِ الوجهان.
  وأَما ما ورد في حديث المُزارعة: نَهى عن بَيْع الأَرض، قال ابن الأَثير أَي كرائها.
  وفي حديث آخر: لا تَبِيعُوها أَي لا تَكْرُوها.
  والبَيْعةُ: الصَّفْقةُ على إِيجاب البيْع وعلى المُبايعةِ والطاعةِ.
  والبَيْعةُ: المُبايعةُ والطاعةُ.
  وقد تبايَعُوا على الأَمر: كقولك أَصفقوا عليه، وبايَعه عليه مُبايَعة: عاهَده.
  وبايَعْتُه من البيْع والبَيْعةِ جميعاً، والتَّبايُع مثله.
  وفي الحديث أَنه قال: أَلا تُبايِعُوني على الإِسلام؟ هو عبارة عن المُعاقَدةِ والمُعاهَدةِ كأَن كلّ واحد منهما باعَ ما عنده من صاحبه وأَعطاه خالصة نَفْسِه وطاعَتَه ودَخِيلةَ أَمره، وقد تكرّر ذكرها في الحديث.
  والبِيعةُ: بالكسر: كَنِيسةُ النصارى، وقيل: كنيسة اليهود، والجمع بِيَعٌ، وهو قوله تعالى: وبِيَعٌ وصلواتٌ ومساجدُ؛ قال الأَزهري: فإِن قال قائل فلم جعل الله هَدْمَها من الفَساد وجعلها كالمساجد وقد جاء الكتاب العزيز بنسخ شَرِيعة النصارى واليهود؟ فالجواب في ذلك أَن البِيَعَ والصَّوامعَ كانت مُتعبَّدات لهم إِذ كانوا مستقيمين على ما أُمِرُوا به غير مبدِّلين ولا مُغيِّرين، فأَخبر الله، جل ثناؤه، أَن لولا دَفْعُه الناسَ عن الفساد ببعض الناس لَهُدِّمَتْ مُتعبَّداتُ كلِّ فريق من أَهل دينه وطاعتِه في كل زمان، فبدأَ بذكر البِيَعِ على المساجد لأَن صلوات من تقدَّم من أَنبياء بني إِسرائيل وأُممهم كانت فيها قبل نزول الفُرقان وقبْل تبديل مَن بدَّل، وأُحْدِثت المساجد وسميت بهذا الاسم بعدهم فبدأَ جل ثناؤه بذكر الأَقْدَم وأَخَّر ذكر الأَحدث لهذا المعنى.
  ونُبايِعُ، بغير همز: موضع؛ قال أَبو ذؤيب:
  وكأَنَّها بالجِزْع جِزعِ نُبايعٍ ... وأُولاتِ ذي العَرْجاء، نَهْبٌ مُجْمَعُ
  قال ابن جني: هو فِعْلٌ منقول وزْنه نُفاعِلُ كنُضارِبُ ونحوه إِلا أَنه سمي به مجرداً من ضميره، فلذلك أُعرب ولم يُحْكَ، ولو كان فيه ضميره لم يقع في هذا الموضع لأَنه كان يلزم حكايتُه إِن كان جملة كذَرَّى حبّاً وتأبَّطَ شَرًّا، فكان ذلك يكسر وزن البيت
(١) قوله [على أم هاشم] عبارة شارح القاموس: على أم خالد بنت أبي هاشم، ثم قال في الشعر: ما لك أُم خالد.