لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الذال المعجمة]

صفحة 394 - الجزء 1

  به، قال أَبو إِسحق: وهو قليل.

  فأَمَّا قراءَةُ بعضهم: يَكادُ سَنا بَرْقِه يُذْهِبُ بالأَبْصار، فنادِرٌ.

  وقالوا: ذَهَبْتُ الشَّامَ، فعَدَّوْه بغيرِ حرفٍ، وإِن كان الشامُ ظَرْفاً مَخْصُوصاً شَبَّهوه بالمكان المُبْهَم، إِذ كان يَقَعُ عليه المكانُ والمَذْهَبُ.

  وحكى اللحياني: إِنَّ الليلَ طوِيلٌ، ولا يَذْهَبُ بنَفْسِ أَحدٍ منَّا، أَي لا ذَهَب.

  والمَذْهَب: المُتَوَضَّأُ، لأَنَّه يُذْهَبُ إِليه.

  وفي الحديث: أَنَّ النبي، ، كان إِذا أَراد الغائطَ أَبْعَدَ في المَذْهَبِ، وهو مَفْعَلٌ من الذَّهابِ.

  الكسائي: يقالُ لمَوضع الغائطِ: الخَلاءُ، والمَذْهَب، والمِرْفَقُ، والمِرْحاضُ.

  والمَذْهَبُ: المُعْتَقَد الذي يُذْهَبُ إِليه؛ وذَهَب فلانٌ لِذَهَبِه أَي لمَذْهَبِه الذي يَذْهَبُ فيه.

  وحَكى اللحياني عن الكسائي: ما يُدْرَى له أَينَ مَذْهَبٌ، ولا يُدْرَى لَه ما مَذْهَبٌ أَي لا يُدْرَى أَين أَصلُه.

  ويقال: ذَهَبَ فُلانٌ مَذْهَباً حَسَناً.

  وقولهم به: مُذْهَب، يَعْنون الوَسْوَسَة في الماءِ، وكثرة استعمالِه في الوُضوءِ.

  قال الأَزْهَرِيُّ: وأَهلُ بَغدادَ يقولون للمُوَسْوِسِ من الناس: به المُذْهِبُ، وعَوَامُّهم يقولون: به المُذْهَب، بفَتح الهاء، والصواب المُذْهِبُ.

  والذَّهَبُ: معروفٌ، وربما أُنِّثَ.

  غيره: الذَّهَبُ التِّبْرُ، القِطْعَةُ منه ذَهَبَة، وعلى هذا يُذَكَّر ويُؤَنَّث، على ما ذُكر في الجمعِ الذي لا يُفارِقُه واحدُه إلَّا بالهاءِ.

  وفي حديث عليٍّ، كرّم اللَّه وجهه: فبَعَثَ من اليَمَنِ بذُهَيْبَة.

  قال ابن الأَثير: وهي تصغير ذَهَبٍ، وأَدْخَلَ الهاءَ فيها لأَنَّ الذَّهَب يُؤَنَّث، والمُؤَنَّث الثُّلاثيّ إِذا صُغِّرَ أُلْحِقَ في تصغيرِه الهاءُ، نحو قُوَيْسَةٍ وسُمَيْسَةٍ؛ وقيل: هو تصغيرُ ذَهَبَةٍ، على نِيَّةِ القِطْعَةِ منها، فصَغَّرَها على لفظِها؛ والجمع الأَذْهابُ والذُّهُوبُ.

  وفي حديث عليّ، كرّم اللَّه تعالى وجهه: لو أَرادَ اللَّه أَن يَفْتَحَ لهم كنوزَ الذِّهْبانِ، لفَعَل؛ هو جمعُ ذَهَبٍ، كبَرَقٍ وبِرْقانٍ، وقد يجمع بالضمِّ، نحو حَمَلٍ وحُمْلانٍ.

  وأَذْهَبَ الشيءَ: طلاه بالذَّهَبِ.

  والمُذْهَبُ: الشيءُ المَطْليُّ بالذَّهَب؛ قال لبيد:

  أَوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ، على أَلْواحِه ... أَلنَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتُومُ

  ويروى: على أَلواحِهِنَّ النَّاطِقُ، وإِنما عَدَل عن ذلك بعض الرُّواةِ اسْتِيحاشاً من قَطْعِ أَلِفِ الوَصْل، وهذا جائِزٌ عند سيبويه في الشِّعْرِ، ولاسِيَّما في الأَنْصافِ، لأَنها مواضِعُ فُصُولٍ.

  وأَهلُ الحِجازِ يقولون: هي الذَّهَبُ، ويقال نَزَلَت بلُغَتِهِم: والذين يَكنِزُونَ الذَّهَبَ والفضة، ولا يُنْفِقونها في سبيل اللَّه؛ ولولا ذلك، لَغَلَبَ المُذَكَّرُ المُؤَنَّثَ.

  قال: وسائِرُ العَرب يقولون: هو الذَّهَب؛ قال الأَزهري: الذَّهب مُذَكَّر عندَ العَرَب، ولا يجوزُ تأْنِيثُه إِلا أَنْ تَجْعَلَه جَمْعاً لذَهَبَةٍ؛ وأَما قوله ø: ولا يُنْفِقُونَها، ولم يَقُلْ ولا يُنْفِقُونَه، ففيه أَقاويل: أَحَدُها أَنَّ المعنى يَكْنزُون الذَّهَبَ والفِضَّة، ولا يُنْفِقُونَ الكُنُوزَ في سَبِيلِ اللَّه؛ وقيل: جائِزٌ أَن يكونَ مَحْمولاً على الأَمْوالِ فيكون: ولا يُنْفِقُونَ الأَقوال؛ ويجوز أن يَكونَ: ولا يُنْفِقُونَ الفِضَّة، وحذف الذَّهب كأَنه قال: والذين يَكْنِزُونَ الذَّهَب ولا يُنْفِقُونَه، والفِضَّة ولا يُنْفِقُونَها، فاخْتُصِرَ الكَلام، كما قال: