لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الشين المعجمة]

صفحة 176 - الجزء 8

  وفي الحديث: فأَشرَعَ ناقتَه أَي أَدخَلها في شرِيعةِ الماء.

  وفي حديث الوضوء: حتى أَشرَعَ في العضُد أَي أَدخَل الماءَ إِليه.

  وشَرَّعَتِ الدابةُ: صارت على شَرِيعةِ الماء؛ قال الشماخ:

  فلمّا شَرَّعَتْ قَصَعَتْ غَليلاً ... فأَعْجَلَها، وقد شَرِبَتْ غِمارا

  والشريعةُ موضع على شاطئ البحر تَشْرَعُ فيه الدوابُّ.

  والشريعةُ والشِّرْعةُ: ما سنَّ الله من الدِّين وأَمَر به كالصوم والصلاة والحج والزكاة وسائر أَعمال البرِّ مشتقٌّ من شاطئ البحر؛ عن كراع؛ ومنه قوله تعالى: ثم جعلناك على شريعةٍ من الأَمْر، وقوله تعالى: لكلٍّ جعلنا منكم شِرْعةً ومِنهاجاً؛ قيل في تفسيره: الشِّرْعةُ الدِّين، والمِنهاجُ الطريقُ، وقيل: الشرعة والمنهاج جميعاً الطريق، والطريقُ ههنا الدِّين، ولكن اللفظ إِذا اختلف أَتى به بأَلفاظ يؤَكِّدُ بها القِصة والأَمر كما قال عنترة:

  أَقوَى وأَقْفَرَ بعد أُمِّ الهَيْثَمِ

  فمعنى أَقْوَى وأَقْفَرَ واحد على الخَلْوَة إِلا أَن اللفظين أَوْكَدُ في الخلوة.

  وقال محمد بن يزيد: شِرْعةً معناها ابتِداءُ الطريق، والمِنهاجُ الطريق المستقيم.

  وقال ابن عباس: شرعة ومنهاجاً سَبيلاً وسُنَّة، وقال قتادة: شرعة ومنهاجاً، الدِّين واحد والشريعة مختلفة.

  وقال الفراء في قوله تعالى ثم جعلناك على شريعة: على دين ومِلَّة ومنهاج، وكلُّ ذلك يقال.

  وقال القتيبي: على شريعة، على مِثال ومَذْهبٍ.

  ومنه يقال: شَرَعَ فلان في كذا وكذا إِذا أَخذ فيه؛ ومنه مَشارِعُ الماء وهي الفُرَضُ التي تَشْرَعُ فيها الواردةُ.

  ويقال: فلان يَشْتَرعُ شِرْعَتَه ويَفْتَطِرُ فِطْرَتَه ويَمْتَلُّ مِلَّتَه، كل ذلك من شِرْعةِ الدِّين وفِطْرتِه ومِلِّتِه.

  وشَرَعَ الدِّينَ يَشْرَعُه شَرْعاً: سَنَّه.

  وفي التنزيل: شَرَعَ لكم من الدِّين ما وصَّى به نوحاً؛ قال ابن الأَعرابي: شَرَعَ أَي أَظهر.

  وقال في قوله: شَرَعوا لهم من الدِّين ما لم يأْذن به الله، قال: أَظهَرُوا لهم.

  والشارعُ الرَّبّاني: وهو العالم العاملُ المعَلِّم.

  وشَرَعَ فلان إِذا أَظْهَرَ الحَقَّ وقمَعَ الباطِلَ.

  قال الأَزهري: معنى شَرَعَ بَيَّنَ وأَوضَح مأْخوذ من شُرِعَ الإِهابُ إِذا شُقَّ ولم يُزَقَّقْ أَي يجعل زِقًّا ولم يُرَجَّلْ، وهذه ضُرُوبٌ من السَّلْخِ مَعْرُوفة أَوسعها وأَبينها الشَّرْعُ، قال: وإِذا أَرادوا أَن يجعلوها زِقًّا سلَخُوها من قِبَل قَفاها ولا يَشُقُّوها شَقّاً، وقيل في قوله: شَرَع لكم من الدِّين ما وصَّى به نوحاً: إِنَّ نوحاً أَول من أَتَى بتحريم البَناتِ والأَخَواتِ والأُمَّهات.

  وقوله ø: والذي أَوحينا إِليك وما وصَّينا به إِبراهيم وموسى؛ أَي وشرع لكم ما أَوحينا إِليك وما وصَّيْنا به الأَنبياء قبْلك.

  والشِّرْعةُ: العادةُ.

  وهذا شِرْعةُ ذلك أَي مِثاله؛ وأَنشد الخليل يذمُّ رجلاً:

  كَفّاكَ لم تُخْلَقا للنَّدَى ... ولم يَكُ لُؤْمُهما بِدْعَه

  فَكَفٌّ عن الخَيرِ مَقْبُوضةٌ ... كما حُطَّ عن مائَةٍ سَبْعه

  وأُخْرَى ثَلاثَةُ آلافِها ... وتِسْعُمِئيها لها شِرْعه

  وهذا شِرْعُ هذا، وهما شِرْعانِ أَي مِثْلانِ.

  والشارِعُ: الطريقُ الأَعظم الذي يَشْرَعُ فيه الناس عامّة