لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الشين المعجمة]

صفحة 190 - الجزء 8

  وأَعْرَض مِنْ رَضْوى مَعَ الليْلِ، دونَهُم ... هِضابٌ تَرُدُّ الطَّرْفَ مِمَّنْ يُشَيِّعُ

  أَي ممن يُتبعُه طَرْفَه ناظراً.

  ابن الأَعرابي: سَمِع أَبا المكارِمِ يَذُمُّ رجلاً فقال: هو ضَبٌّ مَشِيعٌ؛ أَراد أَنه مثل الضَّبِّ الحقود لا ينتفع به.

  والمَشِيعُ: من قولك شِعْتُه أَشِيعُه شَيْعاً إِذا مَلأَتَه.

  وتَشَيَّعَ في الشيء: اسْتَهلك في هَواه.

  وشَيَّعَ النارَ في الحطبِ: أَضْرَمَها؛ قال رؤبة:

  شَداً كما يُشَيَّعُ التَّضْريمُ⁣(⁣١)

  والشَّيُوعُ والشِّياعُ: ما أُوقِدَتْ به النار، وقيل: هو دِقُّ الحطب تُشَيَّعُ به النار كما يقال شِبابٌ للنار وجِلاءٌ للعين.

  وشَيَّعَ الرجلَ بالنار: أَحْرَقَه، وقيل: كلُّ ما أُحْرِقَ فقد شُيِّعَ.

  يقال: شَيَّعْتُ النار إِذا أَلْقَيْتَ عليها حطباً تُذْكيها به، ومنه حديث الأَحنف: وإِن حَسَكى⁣(⁣٢) كان رجلاً مُشَيَّعاً؛ قال ابن الأَثير: أَراد به ههنا العَجولَ من قولك شَيَّعْتُ النارَ إِذا أَلقيت عليها حَطباً تُشْعِلُها به.

  والشِّياعُ: صوت قَصَبةٍ ينفخ فيها الراعي؛ قال:

  حَنِين النِّيبِ تَطْرَبُ للشِّياعِ

  وشَيَّعَ الراعي في الشِّياعِ: رَدَّدَ صَوْتَه فيها.

  والشاعةُ: الإِهابةُ بالإِبل.

  وأَشاعَ بالإِبل وشايَع بها وشايَعَها مُشايَعةً وأَهابَ بمعنى واحد: صاح بها ودَعاها إِذا استأْخَرَ بعضُها؛ قال لبيد:

  تَبكِّي على إِثْرِ الشَّبابِ الذي مَضَى ... أَلا إِنَّ إِخإوانَ الشّبابِ الرَّعارِعُ

  (⁣٣) أَتَجْزَعُ مما أَحْدَثَ الدَّهْرُ بالفَتَى؟ ... وأَيُّ كرِيمٍ لم تُصِبْه القَوارِعُ؟

  فَيَمْضُونَ أَرْسالاً ونَخْلُفُ بَعْدَهُم ... كما ضَمَّ أُخْرَى التالياتِ المُشايِعُ⁣(⁣٤)

  وقيل: شايَعْتُ بها إِذا دَعَوْتَ لها لتَجْتَمِعَ وتَنْساقَ؛ قال جرير يخاطب الراعي:

  فأَلْقِ اسْتَكَ الهَلْباءَ فَوْقَ قَعودِها ... وشايِعْ بها، واضْمُمْ إِليك التَّوالِيا

  يقول: صوّت بها ليلحَق أُخْراها أُولاها؛ قال الطرمّاح:

  إِذا لم تَجِدْ بالسَّهْلِ رِعْياً، تَطَوَّقَتْ ... شمارِيخَ لم يَنْعِقْ بِهِنَّ مُشَيِّعُ

  وفي الحديث: أَن النبي، ، قال: إِنَّ مَرْيم ابنة عِمْرانَ سأَلت ربها أَنْ يُطْعِمَها لحماً لا دم فيه فأَطْعَمها الجراد، فقالت: اللهم أَعِشْه بغير رَضاع وتابِعْ بينه بغير شِياعٍ؛ الشِّياعُ، بالكسر: الدعاء بالإِبل لتَنْساق وتجتمع؛ المعنى يُتابِعُ بينه في الطيران حتى يَتَتابع من غير أَنْ يُشايَع كما يُشايِعُ الراعي بإِبله لتجتمع ولا تتفرق عليه؛ قال ابن بري: بغير شِياعٍ أَي بغير صوت، وقيل لصوت الزَّمّارة شِياعٌ لأَن الراعي يجمع إِبله بها؛ ومنه حديث عليّ: أُمِرْنا بكسر الكُوبةِ والكِنّارةِ والشِّياعِ؛ قال ابن الأَعرابي: الشِّياعُ زَمّارةُ الراعي، ومنه قول مريم: اللهم سُقْه بلا شِياعٍ أَي بلا زَمّارة راع.


(١) قوله [شداً كذا بالأصل.

(٢) قوله [حسكى كذا بالأصل، وفي نسخة من النهاية مضبوطة بسكون السين وبهاء تأْنيث ولعله سمي بواحدة الحسك محركة.

(٣) في قصيدة لبيد: أخدان مكان إخوان.

(٤) قوله [فيمضون الخ في شرح القاموس قبله:

وما المال والأَهلون إلا وديعة ولا بد يوماً أن ترد الودائع