[فصل الضاد المعجمة]
  وقد تكون الضَّيعةُ من الضِّياع، وفي الحديث: أَنه نهى عن إِضاعة المال يعني إِنْفاقَه في غير طاعة اللَّه والتَّبذير والإِسرافِ، وأَنشد ابن بري للعرجي:
  أَضاعُوني: وأَيَّ فَتًى أَضاعُوا ... لِيَوْمِ كَرِيهةٍ وسِدادِ ثَغْرِ
  وفي حديث سعد: إِني أَخافُ على الأَعناب الضَّيْعةَ أَي أَنها تضيع وتتلَف.
  والضَّيْعةُ في الأَصل: المرَّة من الضِّياعِ، والضَّيْعةُ والضِّياعُ: الإِهمالُ.
  ضاعَ الشيءُ يَضِيعُ ضَيْعةً وضَياعاً، بالفتح: هلك، ومنه قولهم: فلان بدار مَضِيعة مثال مَعِيشة.
  وفي حديث عُمر، ¥: ولا تَدَعِ الكَسِيرَ بدار مَضِيعةٍ، وفي حديث كعب بن مالك: ولم يَجْعَلْكَ اللَّه بِدار هَوانٍ ولا مَضِيعة، المضيعة، بكسر الضاد، مَفْعِلَةٌ من الضَّياعِ الاطِّراحِ والهَوانِ كأَنه فيه ضائعٌ، فلما كانت عين الكلمة ياء وهي مكسورة، نقلت حركتها إِلى العين، فسكنت الياء فصارت بوزن معيشة، والتقدير فيهما سواء.
  وتركَهم بِضَيْعةٍ ومَضِيعةٍ ومَضْيَعةٍ.
  ومات ضِيعةً وضِيَعاً وضَياعاً أَي غيرَ مُفْتَقَد، وأَضاعَه وضَيّعه.
  وفي التنزيل: وما كان اللَّه لِيُضِيعَ إِيمانَكم، وفيه: أَضاعُوا الصلاة، جاء في التفسير: أَنهم صَلَّوْها في غير وقتها، وقيل: تركوها البتة وهو أَشبه لأَنه عَنَى به الكفار، ودليله قوله بعد ذلك: إِلا مَن تاب وآمن.
  والضَّياعُ: العِيالُ نَفْسُه.
  وفي الحديث فمن تَرَك ضَياعاً فإِليَّ، التفسير للنضر: العِيالُ، حكاه الهروي في الغريبين، قال ابن الأَثير: وأَصله مصدر ضَاع يَضِيعُ ضَياعاً فسمي العِيالُ بالمصدر كما تقول: من مات فترك فَقْراً أَي فُقَراء، وإِن كسَرْتَ الضاد كان جمع ضائعٍ كجائعٍ وجِياعٍ، ومنه الحديث: تُعِينُ ضائعاً أَي ذا ضَياعٍ من فَقْرٍ أو عِيال أَو حال قصّر عن القيام بها، ورواه بعضهم بالصاد المهملة والنون، وقيل: إِنه الصواب، وقيل: هو في حديث بالمهملة، وفي آخر بالمعجمة، وكلاهما صواب في المعنى.
  وأَضاعَ الرجلُ عِيالَه ومالَه وضَيَّعَهم إِضاعةً وتَضْيِيعاً، فهو مُضِيعٌ ومُضَيِّعٌ.
  والإِضاعةُ والتَّضْيِيعُ بمعنًى، وقول الشماخ:
  أَعائِشَ، ما لأَهْلِكِ لا أَراهُمْ ... يُضِيعُون السَّوامَ مع المُضِيعِ
  وكيفَ يُضِيعُ صاحِبُ مُدْفآتٍ ... على أَثباجِهِنَّ من الصَّقِيعِ
  قال الباهلي: كان الشماخ صاحب إِبل يلزمها ويكون فيها فقالت له هذه المرأَة: إِنك قد أَفْنَيْتَ شبابك في رَعْي الإِبل، ما لَك لا تُنْفِقُ مالَك ولا تَتَفَتَّى فقال لها الشماخ: ما لأَهلكِ لا يفعلون ذلك وأَنْتِ تأْمريتني أَن أَفعله ثم قال لها: وكيف أُضِيعُ إِبلاً هذه الصفة صفتها، ودل على هذا قوله على أَثر هذا البيت:
  لَمالُ المَرْءِ يُصْلِحُه، فَيُغْني ... مَفَاقِرَه، أَعَفُّ من القُنُوعِ
  يقول: لأَن يصلح المرءُ مالَه ويقوم عليه ولا يضيعه خير من القُنوع وهو المسأَلة.
  ورجل مِضياعٌ للمال أَي مُضِيعٌ.
  وفي المثل: الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللبن، هكذا يقال إِذا خوطب به المذكر والمؤنث والاثنان والجمع، بكسر التاء، لأَن أَصل المثل إِنما خوطب به امرأَة، وكانت تحت رجل موسر، فكرهته لكبره فطلقها فتزوّجها رجل مُمْلِقٌ، فَبَعَثَت إِلى زوجها الأَول تَسْتَمِيحُه، فقال لها هذا، فأَجابته: هذا ومَذْقُه خَيْرٌ، فجرى المثل على الأَصل، والصيْفَ