لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الواو]

صفحة 392 - الجزء 8

  وسع: في أَسْمائِه سبحانه وتعالى الواسِعُ: هو الذي وَسِعَ رِزْقُه جميعَ خَلْقِه ووَسِعتْ رحمتُه كل شيء وغِناه كل فَقْرٍ.

  وقال ابن الأَنباري: الواسع من أَسماءِ الله الكثيرُ العطاءِ الذي يَسَعُ لما يُسْأَلُ، قال: وهذا قول أَبي عبيدة.

  ويقال: الواسِعُ المُحِيطُ بكل شيء من قوله وَسِعَ كل شيءٍ عِلْماً؛ وقال:

  أُعْطِيهِمُ الجَهْدَ مِني بَلْه ما أَسَعُ

  معناه فَدَعْ ما أُحِيطُ به وأَقْدِر عليه، المعنى أُعطيهم ما لا أَجده إِلَّا بالجَهْدِ فَدَعْ ما أُحيطُ به.

  وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى: فأَينما تُوَلُّوا فَثَمَّ وجه الله إِنّ الله واسِع عليم؛ يقول: أَينما تولوا فاقصدوا وجه الله تَيَمُّمكم القِبْلة، إِن الله واسع عليم، يدل على أَنه تَوْسِعةٌ على الناسِ في شيء رَخَّصَ لهم؛ قال الأَزهري: أَراد التحري عند إِشْكالِ القبلة.

  والسعة: نقبض الضِّيق، وقد وَسِعَه يَسَعُه ويَسِعُه سَعةً، وهي قليلة، أَعني فَعِيلَ يَفْعِلُ وإِنما فتحها حرف الحلق، ولو كانت يَفْعَلُ ثبتت الواو وصحت إِلَّا بحسَب ياجَلُ.

  ووسُع، بالضم، وساعةً، فهو وَسِيعٌ.

  وشيءٌ وَسِيعٌ وأَسِيعٌ: واسِعٌ.

  وقوله تعالى: للذين أَحسنوا في هذه الدنيا حسَنةٌ وأَرْضُ الله واسعةٌ؛ قال الزجاج: إِنما ذُكِرَتْ سَعةُ الأَرضِ ههنا لمن كان مع من يعبد الأَصنام فأَمِرَ بالهجرة عن البلَد الذي يُكره فيه على عِبادَتِها كما قال تعالى: أَلم تكن أَرضُ الله واسِعةً فتُهاجِرُوا فيها؛ وقد جرى ذِكْرُ الأَوْثانِ في قوله: وجعل لله أَنداداً ليُضِلَّ عن سبيلِه.

  واتَّسَعَ: كَوَسِعَ.

  وسمع الكسائي: الطريق ياتَسِعُ، أَرادوا يَوْتَسِعُ فأَبدلوا الواو أَلفاً طلباً للخفة كما قالوا ياجَلُ ونحوه، ويَتَّسِعُ أَكثرُ وأَقْيَسُ.

  واسْتَوْسَعَ الشيءَ: وجده واسِعاً وطلبَه واسِعاً، وأَوْسَعَه ووَسَّعَه: صيَّره واسعاً.

  وقوله تعالى: والسماءَ بنيناها بأَيد وإِنا لَمُوسِعُون؛ أَراد جعلنا بينها وبين الأَرض سَعةً، جعل أَوْسَعَ بمعنى وَسَّعَ، وقيل: أَوْسَعَ الرجلُ صار ذا سَعةٍ وغِنًى، وقوله: وإنا لموسعون أَي أَغنِياءُ قادِرون.

  ويقال: أَوْسَعَ الله عليك أَي أَغناكَ.

  ورجل مُوسِعٌ: وهو المَلِيءُ.

  وتَوَسَّعُوا في المجلس أَي تَفَسَّحُوا.

  والسَّعةُ: الغِنى والرفاهِيةُ، على المثل.

  ووَسِعَ عليه يَسَعُ سَعةً ووَسَّعَ، كلاهما: رَفَّهَه وأَغناه.

  وفي النوادر: اللهم سَعْ عليه أَي وسِّعْ عليه.

  ورجل مُوَسَّعٌ عليه الدنيا: مُتَّسعُ له فيها.

  وأَوْسَعَه الشيءَ: جعله يَسَعُه؛ قال امرؤ القيس:

  فَتُوسِعُ أَهْلَها أَقِطاً وسَمْناً ... وحَسْبُك من غِنًى شِبَعٌ ورِيُّ

  وقال ثعلب: قيل لامرأَة أَيُّ النساءِ أَبْغَضُ إِليْكِ؟ فقالت: التي تأْكل لَمّاً، وتُوسِعُ الحيَّ ذمّاً.

  وفي الدعاء: اللهم أَوْسِعْنا رَحْمَتَكَ أَي اجعلها تَسَعُنا.

  ويقال: ما أَسَعُ ذلك أَي ما أُطِيقُه، ولا يَسَعُني هذا الأَمر مثله.

  ويقال: هل تَسَعُ ذلك أَي هل تُطِيقُه؟ والوُسْعُ والوُسْعُ والسَّعةُ: الجِدةُ والطاقةُ، وقيل: هو قَدْرُ جِدةِ الرجل وقَدْرُه ذاتُ اليد.

  وفي الحديث: إِنكم لن تَسَعُوا الناسَ بأَموالكم فَسَعُوهم بأَخْلاقِكم، أَي لا تَتَّسِعُ أَمْوالُكم لعَطائِهم فوَسِّعُوا أَخْلاقَكم لِصُحْبتهم.

  وفي حديث آخر قاله، : إِنكم لا تَسَعُونَ الناسَ بأَموالِكم فلْيَسَعْهم منكم بَسْطُ الوجه.

  وقد أَوْسَعَ الرجلُ: كثُرَ مالُه.

  وفي التنزيل: على المُوسِعِ قَدَرُه وعلى المُقْتِرِ قَدَرُه.