لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الباء الموحدة]

صفحة 420 - الجزء 8

  من البلاغ بفتح الباء فله وجهان: أَحدهما أَن البَلاغَ ما بلغ من القرآن والسنن، والوجه الآخر من ذوي البَلاغِ أي الذين بَلَّغُونا يعني ذوي التبليغ، فأَقام الاسم مقام المصدر الحقيقي كما تقول أَعْطَيْتُه عَطاء، وأَما الكسر فقال الهرويّ: أُراه من المُبالِغين في التبْليغ، بالَغَ يُبالِغُ مُبالَغةً وبِلاغاً إِذا اجْتَهد في الأَمر، والمعنى في الحديث: كلُّ جماعةٍ أَو نفس تُبَلِّغُ عنا وتُذِيعُ ما تقوله فَلْتُبَلِّغْ ولْتَحْكِ.

  وأَما قوله ø: هذا بَلاغٌ للناس وليُنْذَرُوا به، أَي أَنزلناه ليُنْذَر الناسُ به.

  وبَلَّغَ الفارِسُ إِذا مَدَّ يدَه بِعِنانِ فرسه ليزيد في جَرْيِه.

  وبَلَغَ الغُلامُ: احْتَلَمَ كأَنه بَلَغَ وقت الكتابِ عليه والتكليفِ، وكذلك بَلَغَتِ الجاريةُ.

  التهذيب: بلغ الصبيُّ والجارية إِذا أَدْركا، وهما بالِغانِ.

  وقال الشافعي في كتاب النكاح: جارية بالِغٌ، بغير هاء، هكذا روى الأَزهريّ عن عبد الملك عن الربيع عنه، قال الأَزهري: والشافعي فَصِيحٌ حجة في اللغة، قال: وسمعت فُصَحاء العرب يقولون جارية بالغ، وهكذا قولهم امرأَة عاشِقٌ ولِحيةٌ ناصِلٌ، قال: ولو قال قائل جارية بالغة لم يكن خطأً لأَنه الأَصل.

  وبَلَغْتُ المكانَ بُلُوغاً: وصلْتُ إِليه وكذلك إِذا شارَفْتَ عليه؛ ومنه قوله تعالى: فإِذا بَلَغْن أَجَلَهُنّ، أَي قارَبْنَه.

  وبَلَغَ النبْتُ: انتهَى.

  وتَبالَغ الدِّباغُ في الجلد: انتهى فيه؛ عن أَبي حنيفة.

  وبَلَغتِ النخلةُ وغيرُها من الشجر: حان إدْراكُ ثمرها؛ عنه أَيضاً.

  وشيءٌ بالغ أَي جيِّدٌ، وقد بلَغَ في الجَوْدةِ مَبْلغاً.

  ويقال: أَمْرُ الله بَلْغ، بالفتح، أَي بالِغٌ من وقوله تعالى: إِن الله بالغ أَمره.

  وأَمرٌ بالِغٌ وبَلْغٌ: نافِذٌ يَبْلُغُ أَين أُرِيدَ به؛ قال الحرث بن حِلِّزةَ:

  فهَداهُمْ بالأَسْودَيْنِ وأَمْرُ اللَّه ... بَلْغٌ بَشْقَى به الأَشْقِياءُ

  وجَيْشٌ بَلْغٌ كذلك.

  ويقال: اللهم سَمْعٌ لا بَلْغٌ وسِمْعٌ لا بِلْغٍ، وقد ينصب كل ذلك فيقال: سَمعاً لا بَلْغاً وسِمْعاً لا بِلْغاً، وذلك إِذا سمعت أَمراً منكراً أَي يُسْمَعُ به ولا يَبْلُغُ.

  والعرب تقول للخبر يبلغ واحدَهم ولا يحققونه: سَمْعٌ لا بَلْغٌ أَي نسمعه ولا يَبْلُغنا.

  وأَحْمَقُ بَلْغٌ وبِلْغٌ أَي هو من حَماقَتِه⁣(⁣١) يبلغ ما يريده، وقيل: بالغ في الحُمْقِ، وأَتْبَعُوا فقالوا: بِلْغٌ مِلْغٌ.

  وقوله تعالى: أَمْ لكم أَيمان علينا بالغةٌ؛ قال ثعلب: معناه مُوجَبَةٌ أَبداً قد حلفنا لكم أَن نَفِيَ بها، وقال مرة: أَي قد انتهت إِلى غايتها، وقيل: يمينٌ بالغة أَي مؤكَّدةٌ.

  والمُبالَغةُ: أَن تَبْلُغَ في الأَمر جُهْدَك.

  ويقال: بُلِغَ فلان أَي جُهِدَ؛ قال الراجز:

  إِنَّ الضِّبابَ خَضَعَتْ رِقابُها ... للسيفِ، لَمَّا بُلِغَتْ أَحْسابُها

  أَي مَجْهودُها⁣(⁣٢) وأَحْسابُها شَجاعَتُها وقوّتُها ومَناقِبُها.

  وأَمرٌ بالغ: جيد.

  والبَلاغةُ: الفَصاحةُ.

  والبَلْغُ والبِلْغُ: البَلِيغُ من الرجال.

  ورجل بَلِيغٌ وبَلْغٌ وبِلْغٌ: حسَنُ الكلام فَصِيحُه يبلغ بعبارة لسانه كُنْه ما في قلبه، والجمعُ بُلَغاءُ، وقد بَلُغَ، بالضم، بَلاغةً أَي صار بَلِيغاً.

  وقولٌ بَلِيغٌ: بالِغٌ وقد بَلُغَ.

  والبَلاغاتْ: كالوِشاياتِ.

  والبِلَغْنُ: البَلاغةُ؛ عن السيرافي، ومثَّل به سيبويه.


(١) قوله [من حماقته] عبارة القاموس: مع حماقته.

(٢) قوله [أي مجهودها] كذا بالأَصل، ولعله جهدت ليطابق بلغت،.