[فصل الخاء المعجمة]
  وظُلِمَ رجلٌ أَيام الزبير(١) بن العوّام فنادى: يا لخِندِفَ فخرج الزبير ومعه خيف وهو يقول: أُخَنْدِفُ إليكَ أَيُّها المُخَنْدِفُ، واللَّه لئن كنتَ مظلوماً لأَنْصُرَنَّكَ الخَنْدَفَةُ الهَرْوَلةُ والإِسراعُ في المَشْي، يقول: يا مَنْ يَدْعُو خنْدفاً أَنا أُجيبُك وآتِيكَ.
  قال أَبو منصور: إن صحَّ هذا من فعل الزبَير فإنه كان قبل نَهْي النبيّ، ﷺ، عن التَّعَزِّي بعَزاء الجاهلية.
  وخَنْدَف الرجلُ: انتسب إلى خِنْدِف؛ قال رؤبة: إني إذا ما خَنْدَفَ المُسَمِّي وخَنْدَفَ الرجلُ: أَسْرَع، وأَما ابن الأَعرابي فقال: هو مشتق من الخَدْفِ، وهو الاخْتِلاسُ، قال ابن سيده: فإن صح ذلك فالخَنْدَفةُ ثلاثية.
  خوف: الخَوْفُ: الفَزَعُ، خافَه يخافُه خَوْفاً وخِيفةً ومَخافةً.
  قال الليث: خافَ يخافُ خَوْفاً، وإنما صارت الواو أَلفاً في يَخافُ لأَنه على بناء عمِلَ يَعْمَلُ، فاستثقلوا الواو فأَلقَوْها، وفيها ثلاثة أَشياء: الحَرْفُ والصَّرْفُ والصوتُ، وربما أَلقوا الحَرْفَ بصرفها وأَبقوا منها الصوت، وقالوا يَخافُ، وكان حدّه يَخْوَفُ بالواو منصوبة، فأَلقوا الواو واعتمد الصوت على صرف الواو، وقالوا خافَ، وكان حدّه خوِف بالواو مكسورة، فأَلقوا الواو بصرفها وأَبقوا الصوت، واعتمد الصوت على فتحة الخاء فصار معها أَلفاً ليِّنة، ومنه التَّخْويفُ والإِخافةُ والتَّخَوّف، والنعت خائفٌ وهو الفَزِعُ؛ وقوله:
  أَتَهْجُرُ بَيْتاً بالحِجازِ تَلَفَّعَتْ ... به الخَوْفُ والأَعْداءُ أَمْ أَنتَ زائِرُه؟
  إنما أَراد بالخوف المخافةَ فأَنَّث لذلك.
  وقوم خُوَّفٌ على الأَصل، وخُيَّفٌ على اللفظ، وخِيَّفٌ وخَوْفٌ؛ الأَخيرة اسم للجمع، كلُّهُم خائفونَ، والأَمر منه خَفْ، بفتح الخاء.
  الكسائي: ما كان من ذوات الثلاثة من بنات الواو فإنه يجمع على فُعَّلٍ وفيه ثلاثة أَوجه، يقال: خائف وخُيَّفٌ وخِيَّفٌ وخَوْفٌ.
  وتَخَوَّفْتُ عليه الشيء أَي خِفْتُ.
  وتَخَوَّفَه: كخافه، وأَخافَه إياه إخافة وإخافاً؛ عن اللحياني.
  وخَوَّفَه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
  وكانَ ابْن أَجمالٍ إذا ما تَشَذَّرَت ... صُدُورُ السِّياطِ، شَرْعُهُنَّ المُخَوَّفُ
  فسّره فقال: يكفيهن أَن يُضْرَبَ غيرُهنّ.
  وخَوَّف الرجلَ إذا جعل فيه الخوف، وخَوَّفْتُه إذا جعلْتَه بحالة يخافُه الناس.
  ابن سيده: وخَوَّف الرجلَ جعل الناسَ يَخافونه.
  وفي التنزيل العزيز: إنما ذلِكمُ الشيطان يُخَوِّفُ أَولياءه أَي يجعلكم تخافون أَولياءه؛ وقال ثعلب: معناه يخوّفكم بأَوليائه، قال: وأَراه تسهيلاً للمعنى الأَول، والعرب تُضِيفُ المَخافةَ إلى المَخُوف فتقول أَنا أَخافُك كخَوْفِ الأَسد أَي كما أُخَوَّفُ بالأَسد؛ حكاه ثعلب؛ قال ومثله:
  وقد خِفْتُ حتى ما تزيدُ مَخافَتي ... على وَعِلٍ، بذي المطارةِ، عاقِلِ(٢)
  كأَنه أَراد: وقد خافَ الناسُ مني حتى ما تزِيدُ مخافَتُهم إياي على مخافةِ وعِلٍ.
  قال ابن سيده: والذي عندي في ذلك أَن المصدر يضاف إلى المفعول كما يضاف إلى الفاعل.
  وفي التنزيل: لا يَسْأَمُ الإِنسان
(١) قوله [أَيام الزبير الخ] في النهاية وفي حديث الزبير وقد سمع رجلاً يقول: يا لخندف الخ.
(٢) قوله [بذي المطارة] كذا في الأصل، والذي في معجم ياقوت بذي مطارة. وقوله [حتى ما الخ] جعله الأصمعي من المقلوب كما في المعجم.