لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الحاء]

صفحة 68 - الجزء 10

  البيت مُقدَّم ومؤخَّر كأَنه قال إِن للحُمْقِ نعمة في رقاب العُقلاء تَغِيب وتخفى على غيرهم من سائر الناس لأَنهم أَفْطَن وأَذْكَى من غيرهم.

  وفي حديث ابن عباس: يَنطَلِقُ أَحدكم فيركب الحَمُوقةَ؛ هي فَعولةٌ من الحُمْقِ، أَي خَصْلةً ذات حُمْقٍ.

  وحقيقة الحُمق: وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقُبْحه.

  وفي الحديث الآخَر مع نَجْدة الحَرُوريّ: لوْلا أَن يقعَ في أُحْموقةٍ ما كتبت إِليه، هو منه.

  وأَحمقَ الرجل والمرأَة: ولَدا الحَمْقَى؛ وامرأَة مُحْمِقٌ ومُحْمِقة، الأَخيرة على الفعْل؛ قال بعض نساء العرب:

  لست أُبالي أَن أَكُونَ مُحْمِقَه ... إِذا رأَيتُ خُصْيةً مُعَلَّقه

  تقول: لا أُبالي أَن أَلد أَحْمَقَ بعد أَن يكون الوَلد ذكراً له خُصية مُعلَّقة، وقد قيل في هذا المعنى حَمِقةٌ على النسب كطَعِمٍ وعَمِلٍ، والأَكثر ما تقدَّم، وإِن كان من عادة المرأَة أَن تلد الحَمْقَى فهي مِحْماقٌ.

  والأُحْموقةُ: مأْخوذ من الحُمق.

  والمُحْمِقاتُ من الليالي: التي يَطلعُ القمر فيها ليلة كلَّه فيكون في السماء ومن دونه سَحاب، فترى ضَوءاً ولا ترى قمراً، فتظُنُّ أَنك قد أَصبحت وعليك ليل، مشتقّ من الحُمْق.

  وفي المثل: غَرُّوني غُرُورَ المُحْمِقات.

  ويقال: سِرْنا في ليال مُحمِقات إِذا استتر القمر فيها بغيم أَبيض فيسير الراكب ويظن أَنه قد أَصبح حتى يَملَّ، قال: ومنه أُخذ اسم الأَحْمق لأَنه يغُرك في أَول مجلسه بتَعاقُلِه، فإِذا انتهى إِلى آخر كلامه تبيَّن حمقه فقد غرك بأَول كلامه.

  والبَقْلة الحَمْقاء: هي الفَرْفَخةُ؛ ابن سيده؛ البَقْلةُ الحمقاء التي تسميها العامة الرِّجْلة لأَنها مُلْعِبةٌ، فشُبِّهت بالأَحمق الذي يَسيل لُعابُه، وقيل: لأَنها تَنْبُت في مَجْرَى السيُّول.

  والحُمَيْقاء: الخمر لأَنها تُعْقب شاربها الحُمْق.

  قال ابن بري: حكى ابن الأَنباري أَنه يقال: حَمَّقَ الرجلُ إِذا شرِب الحُمْقَ، وهي الخمر؛ وأَنشد للنَّمِر بن تَوْلَب:

  لُقَيْمُ بن لُقْمانَ مِن أُخْتِه ... وكان ابنَ أُخْتٍ له وابْنَما

  عَشِيّةَ حَمَّقَ فاسْتَحْضَنَتْ ... إِليه، فَجامَعها مُظْلِما

  قال: وأَنكر أَبو القاسم الزجّاجي ذلك، قال: ولم يذكر أَحد أَن الحُمقِ من أَسماء الخَمر، قال: والوراية في البيت حُمِّقَ على ما لم يسم فاعله.

  وقال ابن خالويه: حَمَّقَتْه الهَجْعةُ أَي جَعلته كالأَحْمق؛ وأَنشد:

  كُفِيتُ زَمِيلًا حَمَّقَتْه بهَجْعةٍ ... على عَجَلٍ، أَضْحَى بها، وهو ساجِدُ

  والباء في بِهَجْعة زائدة وموضعها رفع.

  وفرس مُحْمِقٌ: نِتاجُها لا يُسْبَق؛ قال الأَزهري: لا أَعرف المُحمِق بهذا المعنى، والأَحْمقُ مأْخوذ من انْحِماق السُّوق إِذا كَسَدت فكأَنه فَسَدَ عقلُه حتى كَسَدَ.

  وحَمُقَت السوقُ بالضم، وانْحَمَقَتْ: كسَدتْ.

  ابن الأَعرابي: الحُمْقُ أَصله الكَسادُ.

  ويقال: الأَحمقُ الكاسِدُ العقْلِ، قال: والحُمق أَيضاً الغرور.

  وانْحَمق الثوبُ: أَخْلَق.

  ونامَ الثوبُ في الحُمْق: أَخْلَقَ.

  ونامَ الثوبُ في الحُمْق وانْحَمق الرجل: ضعُف عن الأَمر؛ قال:

  والشيْخُ يُضْرَبُ أَحْياناً فيَنْحَمِقُ