لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهاء]

صفحة 367 - الجزء 10

  في باب الهجاء من الحماسة لعُمارة بن عقيل:

  دعَتْه، وفي أَثوابِه من دِمَائِهَا ... خَليطَا دمٍ مُهْراقةٍ غير ذَاهِبِ

  وقال جرير العِجْلي، ويروى للأَخطل وهي في شعره:

  إذا ما قُلْتُ: قد صالَحْتُ قَوْمِي ... أَبى الأَضْغَانُ والنسبُ البَعيدُ

  ومُهْراقُ الدماءِ بوارِدَاتٍ ... تَبِيدُ المُخْزِياتُ ولا تَبِيدُ

  قال: والفاعل من أَهْراقَ مُهْرِيقٌ؛ وشاهده قول كثيِّر:

  فأَصْبَحْتُ كالمُهْرِيقِ فَضْلَةَ مائِه ... لضَاحِي سَرَابٍ، بالمَلا يَتَرَقْرَقُ

  وقال العُدَيْلُ بن الفَرْخ:

  فكنْت كمُهْرِيقِ الذي في سِقائِه ... لِرَقْرَاقِ آلٍ، فوق رابيةٍ جَلْدِ

  وقال آخر:

  فظَلَلْتُ كالمُهْرِيقِ فَضْلَ سِقائِه ... في جَوِّ هاجِرَةٍ، لِلَمْعِ سَرابِ

  وشاهد الإِهْرَاقةِ في المصدر قول ذي الرمة:

  فلما دَنَتْ إهْرَاقَةُ الماءِ أَنْصَتَتْ ... لأَعْزِلَةٍ عنها، وفي النفس أَن أُثْني

  قال ابن بري عند قول الجوهري: وأَصل أَرَاقَ أَرْيَقَ، قال أَراق أَصله أَرْوَقَ بالواو لأَنه يقال رَاقَ الماءُ رَوَقاناً انصبَّ، وأَراقه غيره إذا صَبَّه، قال: وحكى الكسائي رَاقَ الماءُ يَرِيقُ انصبَّ، قال: فعلى هذا يجوز أن يكون أَصل أَرَاقَ من الياء.

  وفي الحديث: أُهْرِيقَ دَمُه؛ وتقدير يُهَرِيقُ، بفتح الهاء، يُهَفْعِلُ، وتقدير مُهَرَاق، بالتحريك، مُهَفْعَل؛ وأما تقدير يُهْرِيق، بالتسكين، فلا يمكن النطق به لأَن الهاء والفاء ساكنان، وكذلك تقدير مُهْرَاق، وحكى بعضهم مطر مُهْرَوْرِقٌ.

  وفي حديث أُم سلمة: أَن امرأَة كانت تُهَراقُ الدمَ؛ هكذا جاءَ على ما لم يسمَّ فاعله، والدم منصوب أي تُهَرَاقُ هي الدمَ، وهو منصوب على التمييز، وإن كان معرفة، وله نظائر، أو يكون قد أُجري تُهَراقُ مجرى نُفِسَت المرأَةُ غلاماً، ونُتِجَ الفرسُ مُهْراً، ويجوز رفع الدم على تقدير تُهَرَاقُ دماؤها، وتكون الأَلف واللام بدلًا من الإِضافة كقوله تعالى: أو يَعْفُوَ الذي بيده عُقْدَةُ النكاح؛ أي عُقْدَةُ نكاحِه أو نكاحها، والهاء في هَرَاقَ بدل من همزة أَرَاقَ الماء يُرِيقه وهَرَاقه يُهَرِيقُه، بفتح الهاء، هَراقةً.

  ويقال فيه: أَهْرَقْتُ الماءَ أُهْرِقُه إهْرَاقاً فيجمع بين البدل والمبدل.

  ابن سيده: اهْرَوْرَقَ الدمعُ والمطر جَرَيا، قال: وليس من لفظ هَرَاق لأَن هاء هَرَاق مبدلة والكلمة معتلة، وأما اهْرَوْرَقَ فإنه وإن لم يتكلم به إلَّا مَزيداً متوهم من أصل ثلاثي صحيح لا زيادة فيه، ولا يكون من لفظ أَهْرَاقَ لأَن هاء أَهْرَاقَ زائدة عوض من حركة العين على ما ذهب إليه سيبويه في أَسْطَاعَ.

  ويوم التهَارُقِ: يوم المَهْرَجان، وقد تَهَارقُوا فيه أي أَهْرَقَ الماء بعضُهم على بعضٍ، يعني بالمَهْرَجانِ الذي نسميه النَّوْرُوز.

  والمُهْرُقَانُ: البحر لأَنه يُهَرِيق ماءَه على الساحل إلَّا أنه ليس من ذلك اللفظ؛ أَبو عمرو: هو اليَمُّ والقَلَمَّشُ والنَّوْفَلُ والمُهْرُقانُ البحر، بضم الميم والراء؛ قال ابن مقبل:

  تَمَشَّى به نَفْرُ الظِّباءِ كأَنَّها ... جَنَى مُهْرُقانٍ، فاضَ بالليل سَاحِله