[فصل الثاء المثلثة]
  إِنما أَرادت حَلَّت به الأَرض موتاها أَي زَيَّنَتْهم بهذا الرجل الشريف الذي لا مِثْل له من الحِلْية.
  وكانت العرب تقول: الفارس الجَواد ثِقْل على الأَرض، فإِذا قتل أَو مات سقط به عنها ثِقْل، وأَنشد بيت الخنساء، أَي لما كان شجاعاً سقط بموته عنها ثِقْل.
  والثِّقْل: الذَّنْب، والجمع كالجمع.
  وفي التنزيل: وليَحْمِلُنَّ أَثقالهم وأَثقالاً مع أَثقالهم؛ وهو مثل ذلك يعني أَوزارهم وأَوزار من أَضلوا وهي الآثام.
  وقوله تعالى: وإِن تَدْعُ مُثْقَلة إِلى حِمْلها لا يُحْملْ منه شيء ولو كان ذا قربى؛ يقول: إِن دَعَت نفس داعيةٌ أَثْقَلَتها ذُنُوبُها إِلى حِمْلها أَي إِلى ذنوبها ليحمل عنها شيئاً من الذنوب لم تجد ذلك، وإِن كان المدعوُّ ذا قُرْبى منها.
  وقوله ø: ثَقُلت في السماوات والأَرض؛ قيل: المعنى ثَقْل عِلْمُها على أَهل السماوات والأَرض؛ وقال أَبو علي: ثَقُلت في السماوات والأَرض خَفِيَتْ، والشيءُ إِذا خَفِي عليك ثَقُل.
  والتثقيل: ضد التخفيف، وقد أَثقله الحِمْل.
  وثَقَّل الشيءَ: جعله ثقيلاً، وأَثقله: حمَّله ثَقِيلاً.
  وفي التنزيل العزيز: فهم من مَغْرَم مُثْقَلون.
  واستثقله: رآه ثَقِيلاً.
  وأَثْقَلَت المرأَةُ، فهي مُثْقِل: ثَقُل حَمْلها في بطنها، وفي المحكم: ثَقُلَت واستبان حَمْلها.
  وفي التنزيل العزيز: فلما أَثْقَلَت دَعَوَا الله ربَّهُما؛ أَي صارت ذاتَ ثِقْل كما تقول أَتْمَرْنا أَي صرنا ذوي تَمْر.
  وامرأَة مُثْقِل، بغير هاء: ثَقُلَت من حَمْلها.
  وقوله ø: إِنا سنلقي عليك قولاً ثَقِيلاً؛ يعني الوحي الذي أَنزله الله عليه، ﷺ، جَعَله ثَقِيلاً من جهة عِظَم قدره وجَلاله خَطَره، وأَنه ليس بسَفْساف الكلام الذي يُسْتَخَفُّ به، فكل شيء نفيس وعِلْقٍ خَطيرٍ فهو ثَقَل وثَقِيل وثاقل، وليس معنى قوله قولاً ثَقِيلاً بمعنى الثَّقيل الذي يستثقله الناس فيتَبرَّمون به؛ وجاء في التفسير: أَنه ثِقَلُ العمل به لأَن الحرام والحلال والصلاة والصيام وجميع ما أَمر الله به أَن يُعْمَل لا يؤديه أَحد إِلا بتكلف يَثْقُل؛ ابن سيده: قيل معنى الثَّقيل ما يفترض عليه فيه من العمل لأَنه ثَقِيل، وقيل: إِنما كنى به عن رَصانة القول وجَوْدته؛ قال الزجاج: يجوز على مذهب أَهل اللغة أَن يكون معناه أَنه قول له وزن في صحته وبيانه ونفعه، كما يقال: هذا الكلام رَصين، وهذا قول له وزن إِذا كنت تستجيده وتعلم أَنه قد وقع موقع الحكمة والبيان؛ وقوله:
  لا خَيْرَ فيه غير أَن لا يَهْتَدِي ... وأَنه ذو صَوْلةٍ في المِذْوَدِ،
  وأَنه غَيْرُ ثَقيل في اليَدِ
  إِنما يريد أَنك إِذا بَلِلْتَ به لم يَصِرْ في يَدِك منه خير فيَثْقُلَ في يَدِك.
  ومِثْقال الشيء: ما آذَنَ وزْنَه فثَقُل ثِقَلَه.
  وفي التنزيل العزيز: يا بُني إِنها إِن تك مِثْقالُ حَبَّة من خَرْدل، برفع مِثْقال مع علامة التأْنيث في تك، لأَن مِثْقال حبة راجع إِلى معنى الحبة فكأَنه قال إِن تك حَبَّةٌ من خردل.
  التهذيب: المِثْقال وَزْن معلوم قَدْرُه، ويجوز نصبُ المثقال ورفعُه، فمن رَفَعه رفعه بتَكُ ومن نصب جعل في تك اسماً مضمراً مجهولاً مثل الهاء في قوله ø: إِنها إِن تك، قال: وجاز تأْنيث تَكُ والمِثْقال ذَكَرٌ لأَنه مضاف إِلى الحبة، والمعنى للحبة فذهب التأْنيث إِليها كما قال الأَعشى:
  كما شَرِقَتْ صَدْرُ القَناة من الدَّم
  ويقال: أَعطه ثِقْله أَي وَزْنَه.
  ابن الأَثير: وفي