[فصل اللام]
  واسْتَعْلاه؛ وقال الشاعر:
  لا يَسْتَمِلُّ ولا يَكْرى مُجالِسُها ... ولا يَمَلُّ من النَّجْوَى مُناجِيها
  وأَمَلَّني وأَمَلَّ عَليَّ: أَبرَمَني.
  يقال: أَدَلَّ فأَمَلَّ.
  وقالوا: لا أَمْلاه أَي لا أَمَلُّه، وهذا على تحويل التضعيف والذي فعلوه في هذا ونحوِه من قولهم لا(١) ... . لا أَفعل؛ وإِنشادهم:
  من مآشِرٍ حِداءِ(٢)
  لم يكن واجباً فيجب هذا، وإِنما غُيِّر استحساناً فساغ ذلك فيه.
  الجوهري: مَلِلْت الشيء، بالكسر، ومَلِلْت منه أَيضاً إِذا سَئِمْته، ورجل مَلٌّ ومَلول ومَلولة ومالولةٌ ومَلَّالة وذو مَلَّة؛ قال:
  إِنك والله لَذُو مَلَّة ... يَطرِفُك الأَدْنى عن الأَبْعَدِ
  قال ابن بري: الشعر لعمر بن أَبي ربيعة وصواب إِنشاده: عن الأَقدَم؛ وبعده:
  قلت لها: بل أَنتِ مُعْتَلَّة ... في الوَصل، يا هندُ، لِكَي تَصْرِمي
  وفي الحديث: اكْلَفوا من العمل ما تُطِيقون فإِن الله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا؛ معناه إِن الله لا يَمَلُّ أَبداً، مَلِلْتم أَو لم تَمَلُّوا، فجرى مجرى قولهم: حتى يَشِيبَ الغراب ويبيضَّ القارُ، وقيل: معناه إِن الله لا يَطَّرِحُكم حتى تتركوا العمل وتزهدوا في الرغبة إِليه فسمى الفعلين مَلَلاً وكلاهما ليس بِمَلَل كعادة العرب في وضع الفعل موضع الفعل إِذا وافق معناه نحو قولهم:
  ثم أَضْحَوْا لَعِبَ الدهرُ بهم ... وكذاك الدهرُ يُودِي بالرجال
  فجعل إِهلاكه إِياهم لَعِباً، وقيل: معناه إِن الله لا يقطع عنكم فَضْله حتى تَمَلُّوا سؤاله فسمَّى فِعل الله مَلَلاً على طريق الازْدِواج في الكلام كقوله تعالى: وجزاءُ سيئة سيئةٌ مثلها، وقوله: فمَنِ اعْتَدى عليكم فاعْتَدوا عليه؛ وهذا باب واسع في العربية كثير في القرآن.
  وفي حديث الاستسقاء: فأَلَّف اللَّه السَّحاب ومَلَّتْنا؛ قال ابن الأَثير: كذا جاء في رواية لمسلم، قيل: هي من المَلَلِ أَي كثر مطرُها حتى مَلِلناها، وقيل: هي مَلَتْنا، بالتخفيف، من الامْتِلاء فخفف الهمزة، ومعناه أَوسَعَتْنا سَقْياً وريًّا.
  وفي حديث المُغيرة: مَلِيلة الإِرْغاء أَي مَمْلولة الصوت، فَعِيلة بمعنى مفعولة، يَصِفها بكثرة الكلام ورَفْعِ الصوت حتى تُمِلَّ السامعين، والأُنثى مَلول ومَلولة، فملول على القياس ومَلولة على الفعل.
  والمَلَّة: الرَّماد الحارُّ والجمْر.
  ويقال: أَكلنا خُبزَ مَلَّة، ولا يقال أَكلنا مَلَّة.
  ومَلَّ الشيءَ في الجمْر يَمُلُّه مَلاً، فهو مَمْلول ومَلِيل: أَدخله(٣).
  يقال: مَلَلْت الخُبرةَ في المَلَّة مَلاً وأَمْلَلْتها إِذا عمِلتها في المَلَّة، فهي مَمْلولة، وكذلك كل مَشْوِيّ في المَلَّة من قَريس وغيره.
  ويقال: هذا خُبز مَلَّةٍ، ولا يقال للخبز مَلَّة، إِنما المَلة الرَّماد الحارّ والخبز يسمى المَلِيل والمَمْلول، وكذلك اللحمُ؛ وأَنشد
(١) هكذا بياض في الأصل.
(٢) قوله [من مآشر حداء] قبله كما في مادة حدد:
يا لك من تمر ومن شيشاء ينشب في المسعل واللهاء أنشب من مآشر حداء
(٣) قوله [ادخله] يعني فيه فلفظ فيه إما ساقط من قلم الناسخ أو اقتصاراً من المؤلف.