لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل اللام]

صفحة 629 - الجزء 11

  واسْتَعْلاه؛ وقال الشاعر:

  لا يَسْتَمِلُّ ولا يَكْرى مُجالِسُها ... ولا يَمَلُّ من النَّجْوَى مُناجِيها

  وأَمَلَّني وأَمَلَّ عَليَّ: أَبرَمَني.

  يقال: أَدَلَّ فأَمَلَّ.

  وقالوا: لا أَمْلاه أَي لا أَمَلُّه، وهذا على تحويل التضعيف والذي فعلوه في هذا ونحوِه من قولهم لا⁣(⁣١) ... . لا أَفعل؛ وإِنشادهم:

  من مآشِرٍ حِداءِ⁣(⁣٢)

  لم يكن واجباً فيجب هذا، وإِنما غُيِّر استحساناً فساغ ذلك فيه.

  الجوهري: مَلِلْت الشيء، بالكسر، ومَلِلْت منه أَيضاً إِذا سَئِمْته، ورجل مَلٌّ ومَلول ومَلولة ومالولةٌ ومَلَّالة وذو مَلَّة؛ قال:

  إِنك والله لَذُو مَلَّة ... يَطرِفُك الأَدْنى عن الأَبْعَدِ

  قال ابن بري: الشعر لعمر بن أَبي ربيعة وصواب إِنشاده: عن الأَقدَم؛ وبعده:

  قلت لها: بل أَنتِ مُعْتَلَّة ... في الوَصل، يا هندُ، لِكَي تَصْرِمي

  وفي الحديث: اكْلَفوا من العمل ما تُطِيقون فإِن الله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا؛ معناه إِن الله لا يَمَلُّ أَبداً، مَلِلْتم أَو لم تَمَلُّوا، فجرى مجرى قولهم: حتى يَشِيبَ الغراب ويبيضَّ القارُ، وقيل: معناه إِن الله لا يَطَّرِحُكم حتى تتركوا العمل وتزهدوا في الرغبة إِليه فسمى الفعلين مَلَلاً وكلاهما ليس بِمَلَل كعادة العرب في وضع الفعل موضع الفعل إِذا وافق معناه نحو قولهم:

  ثم أَضْحَوْا لَعِبَ الدهرُ بهم ... وكذاك الدهرُ يُودِي بالرجال

  فجعل إِهلاكه إِياهم لَعِباً، وقيل: معناه إِن الله لا يقطع عنكم فَضْله حتى تَمَلُّوا سؤاله فسمَّى فِعل الله مَلَلاً على طريق الازْدِواج في الكلام كقوله تعالى: وجزاءُ سيئة سيئةٌ مثلها، وقوله: فمَنِ اعْتَدى عليكم فاعْتَدوا عليه؛ وهذا باب واسع في العربية كثير في القرآن.

  وفي حديث الاستسقاء: فأَلَّف اللَّه السَّحاب ومَلَّتْنا؛ قال ابن الأَثير: كذا جاء في رواية لمسلم، قيل: هي من المَلَلِ أَي كثر مطرُها حتى مَلِلناها، وقيل: هي مَلَتْنا، بالتخفيف، من الامْتِلاء فخفف الهمزة، ومعناه أَوسَعَتْنا سَقْياً وريًّا.

  وفي حديث المُغيرة: مَلِيلة الإِرْغاء أَي مَمْلولة الصوت، فَعِيلة بمعنى مفعولة، يَصِفها بكثرة الكلام ورَفْعِ الصوت حتى تُمِلَّ السامعين، والأُنثى مَلول ومَلولة، فملول على القياس ومَلولة على الفعل.

  والمَلَّة: الرَّماد الحارُّ والجمْر.

  ويقال: أَكلنا خُبزَ مَلَّة، ولا يقال أَكلنا مَلَّة.

  ومَلَّ الشيءَ في الجمْر يَمُلُّه مَلاً، فهو مَمْلول ومَلِيل: أَدخله⁣(⁣٣).

  يقال: مَلَلْت الخُبرةَ في المَلَّة مَلاً وأَمْلَلْتها إِذا عمِلتها في المَلَّة، فهي مَمْلولة، وكذلك كل مَشْوِيّ في المَلَّة من قَريس وغيره.

  ويقال: هذا خُبز مَلَّةٍ، ولا يقال للخبز مَلَّة، إِنما المَلة الرَّماد الحارّ والخبز يسمى المَلِيل والمَمْلول، وكذلك اللحمُ؛ وأَنشد


(١) هكذا بياض في الأصل.

(٢) قوله [من مآشر حداء] قبله كما في مادة حدد:

يا لك من تمر ومن شيشاء ينشب في المسعل واللهاء أنشب من مآشر حداء

(٣) قوله [ادخله] يعني فيه فلفظ فيه إما ساقط من قلم الناسخ أو اقتصاراً من المؤلف.